93في عمل الأنبياء; مثلاً كان المسيح يبرئ الأكمه والأبرص، فالمبرئ في الحقيقة هو الله سبحانه ولكن عن مجرى خاص وهو نبيّه. ولذا كان الصحابة يتبرّكون بالنبي الخاتم(ص)، ومن صور هذا التبرّك، أنّهم كانوا يأتونه بأطفالهم فيحنّكهم
بالتمر، أو أن يمسح على رؤوسهم ويبارك لهم، كما أنّ صحابته كانوا يتبرّكون بماء وضوئه. 1
هذا في حياته وأمّا بعد وفاته(ص) فقد كان الصحابة يتبرّكون بقبره، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
أ. روى الحاكم في المستدرك عن داود بن صالح، قال:
«أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر، فأخذ برقبته، ثمّ قال: هل تدري ما تصنع؟ فقال: نعم.
فأقبل عليه فإذا هو أبو أيّوب الأنصاري، فقال: إنّما جئت رسول الله ولم آت الحجر، سمعت رسول الله يقول:
«لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن إبكوا على الدين إذا وليه غيرُ أهله» 2).
إنّ هذه الظاهرة التي نقلها الحاكم في «المستدرك» تحكي أنّ سيرة صحابة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)كانت قائمة على التبرّك بقبره الشريف بوضع الخد عليه، كما تحكي في الوقت نفسه عن عداء مروان وغيره من رجال البيت الأُموي وخصومتهم للرسول الأكرم(ص) حتى بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى.
ب. أقام الصحابي الكبير ومؤذّن الرسول الأكرم(ص) بلال الحبشي في الشام في عهد عمر بن الخطاب، فرأى في منامه النبي(ص) وهو يقول له:
«ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا بلال؟»