94فانتبه حزيناً وجلاً خائفاً، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي(ص) فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين(ص)، فجعل يضمّهما ويقبلهما...». 1
ج. انّ فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول الله، حضرت عند قبر أبيها(صلى الله عليه وآله وسلم)وأخذت قبضة من تراب القبر تشمّه وتبكي، وهي تقول:
ماذا على من شمّ تربة أحمد
ومن الواضح إنّ هذا التصرّف من السيدة الزهراء يدلّ على جواز التبرّك بقبر رسول الله و تربته الطاهرة.
نكتفي هنا بذكر هذه المجموعة القليلة جداً من بين الكثير من الوقائع التي تحكي عن اتّفاق الصحابة على التبرّك بآثار النبيّ(ص)، ومَن تتبّع كتب السير والحديث والتاريخ والصحاح والمسانيد يرى أنّ مسألة التبرّك بالنبي والصالحين قد بلغت حدّ التواتر بحيث يستحيل عند العقل أن تكون موضوعة ومجعولة.
نتيجة البحث
إنّ دراسة التاريخ الإسلامي وسيرة المسلمين في صدر الإسلام تكشف وبوضوح أنّ التبرّك بآثار النبي(ص) وبكلّ ما يرتبط به(ص) كقبره، وتربته، وعصاه، وملابسه، والصلاة في الأماكن التي صلّى فيها(ص)، أو مشى فيها، وكلّ ذلك كان يمثّل في الواقع ثقافة إسلامية رائجة في ذلك الوقت، وكانوا يرومون من ورائه أحد أمرين:
1. التبرّك بالآثار تيمّناً بها لغاية استنزال الفيض الإلهي من خلال ذلك الطريق، كما حدث ليعقوب(ع) عن طريق قميص ولده يوسف(ع).