39
عِنْدَ اللّٰهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
1
، فلو لم يكن القوم معتقدين بأنّ الرزق بيد آلهتهم لما صحّ للوحي الإلهي أن يردّ عليهم بأنّ الرزق بيد الله.
كما أنّه سبحانه يردّ على المشركين بأنّ كاشف الضر أو مرسل الرحمة هو الله سبحانه ويقول: قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ إِنْ أَرٰادَنِيَ اللّٰهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كٰاشِفٰاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرٰادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكٰاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ . 2
إلى غير ذلك من الآيات التي تردّ على المشركين بأنّ الهداية والضلالة ومغفرة الذنوب والرزق وكشف الضرّ كلّها بيد الله فهي أفضل دليل على تسرّب الشرك في هذه المواضيع بين الوثنيّين; ويؤيّد ذلك ما رواه الطبري في تفسير قوله تعالى: وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... عن قتادة أنّه قال:
«بعث رسول الله(ص) خالد بن الوليد إلى شعب بسقام، ليكسر العزى، فقال سادنها، وهو قيمها: يا خالد أنا أحذركها إنّ لها شدّة لا يقوم لها شيء، فمشى إليها خالد بالفأس فهشم أنفها». 3إلى غير ذلك من الدلائل التي تدلّ بوضوح على أنّ مشركي عصر الرسالة كانوا مشركين في الربوبية.
وممّا يجب التنبيه عليه: خطأ الوهابية في التعبير عن التوحيد في الخالقية، بالتوحيد في الربوبية، وبذلك خلطوا بين التوحيدين. وفسّروا «الرب» بغير معناه اللغوي.
4. التوحيد في العبادة
العبادة عبارة عن الخضوع بالجوارح أمام من بيده مصير العابد في الحياة على جميع الأصعدة، اعتقاداً صحيحاً أو باطلاً، فقد بعث الأنبياء كلّهم لأجل نشر هذا الأصل وأنّه لا معبود إلاّ إيّاه، قال سبحانه: وَ لَقَدْ بَعَثْنٰا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّٰاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّٰهُ 4.