40وجه الحصر أنّه سبحانه هو المؤثّر الواحد في الكون خلقة وتدبيراً، فكان هو اللائق بالعبادة، وأمّا المنحرفون عن أصحاب رسالات السماء فبما أنّهم وزعوا أمر التدبير على آلهتهم المكذوبة، لا يرون حصر العبادة بالله سبحانه، بل كانوا يعبدون غيره لكي يتقرّبوا بعبادتهم إلى الله سبحانه.
إجابة عن سؤال
بقي هنا سؤال وهو أنّه لم يرد في سيرة النبيّ أخذ الاعتراف بهذه المراتب الأربع من التوحيد، وكان النبي(ص) يقبل إيمان من يعترف بكلمتين: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، حتّى أنّه(ص) أمر عليّاً بقتال الخيبريّين إلى أن يعترفوا بهاتين الكلمتين; فقد روى البخاري عن عمر بن الخطاب أنّه قال: ما أحببت الأمارة إلاّ يومئذ، قال: فتساورتُ لها رجاء أن أُدعى إليها، قال: فَدَعا رسول الله(ص) عليّ بن أبي طالب فأعطاه إيّاها، وقال: «إمش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك» فسار (عليٌّ) شيئاً ثم وقف ولم يلتفت وصرخ: يا رسول الله على ماذا أُقاتل الناس؟ قال(ص):
«قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد مُنِعوا منك دماؤهم وأموالُهم إلاّ بحقّها وحسابهم على الله» 1؟!
الجواب: لا شكّ أنّ السؤال جدير بالدراسة، فإنّ النبي(ص) يعترف بإيمان مَن ينطق بالشهادتين، لكن الحقّ أنّ لفظ الإله
- كما حقّق في محلّه - ليس بمعنى المعبود، بل هو ولفظ الجلالة سيّان في المعنى لكن الثاني علم والآخر اسم جنس، فإذا أطلق الإله كان يتبادر منه معنى إجمالي تفصيله كونه خالق السماوات والأرض ومدبّرهما وخالق الإنسان ومدبّره، فإذا قيل «لا إله إلاّ الله» تكون نتيجة نفي الأُلوهية عن غيره سبحانه وإثباتها لله هي كونه سبحانه متوحّداً في الخلق والربوبية وكون العبادة منحصرة به.