37قال ابن هشام: حدّثني بعض أهل العلم أنّ عمرو بن لحيّ خرج من مكة إلى الشام في بعض أُموره، فلمّا قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق - و هم ولد عِملاق. ويقال: عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح - رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا؛ فقال لهم: أفلا تعطوني منها صنماً، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له: هبل، فقدم به مكّة، فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه. 1
والذي يدلّ بوضوح على كونهم مشركين في الربوبية بمعنى التدبير أنّ مشركي قريش حملوا «العزى» معهم في خروجهم لغزوة أُحد، وكان شعارهم في تضعيف معنويات المسلمين قولهم:
نحن لنا العُزّى ولا عُزّى لكم
ولمّا سمع النبي(ص) شعارهم هذا أمر المسلمين أن يردّوا عليهم بقولهم:
الله مولانا ولا مولى لكم
ثم كيف يمكن لباحث أن ينكر وجود الشرك في الربوبية بين الأُمم السابقة وهذا هو نبي الله إبراهيم الخليل(ع) كان يحتجّ على عبدة الأجرام السماوية ويركّز على لفظ الرب يقول سبحانه: فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لاٰ أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمّٰا رَأَى الْقَمَرَ بٰازِغاً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضّٰالِّينَ * فَلَمّٰا رَأَى الشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي 2، كلّ ذلك يكشف أنّ عبدة الأصنام في عصر إبراهيم(ع) كانوا مشركين في الربوبية ويرون أنّ تدبير العالم أو تدبير حياة الإنسان بيد الأجرام السماوية أو الأجسام الأرضية.