25
أ- مفهوم الظلم
الظلم من المفاهيم المتداولة بين الناس في حياتهم اليومية وفي جميع المجالات، فكلّ اعتداء على الآخرين وكلّ تجاوز على حقوق الناس يكون ظلماً، ويسمّى المعتدي والمتجاوز ظالماً. ولم يقفوا في ذلك عند حقوق الناس وظلمهم، بل اعتبروا مخالفة الإنسان للقوانين العامّة التي تضمن له سعادته، كالقوانين الصحّية والاجتماعية والحكوميّة وأشباهها من الظلم للنفس أيضاً.
فالظلم حقيقة يفهمها ويدركها كلّ إنسان ولا يرضاها لنفسه ولا لغيره من أبناء جنسه، بل حتّى للبهائم والحيوانات، ولم يكن القرآن الكريم ليأتي بمعنى جديد أو اصطلاح خاصّ في الظلم، واستقراء الآيات الكريمة يُظهر أنّها لم تستعمل الظلم إلّا في المعنى المألوف عند الناس والذي يعرفه كلّ أحد، فكما أنّ الخروج عن طاعة قانون السلطة الحاكمة يعتبر ظلماً للنفس، كذلك فإنّ الخروج عن طاعة القانون الإلهي ظلم لها.
وكما أنّ للظلم مراتب متفاوتة عند الناس، فهو في القرآن الكريم له مراتب متفاوتة أيضاً، ولذا كان من عظيم الظلم الشرك بالله سبحانه. قال تعالى مشيراً إلى وصيّة لقمان لابنه: (يٰا بُنَيَّ لاٰ تُشْرِكْ بِاللّٰهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) 1.