32
جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) 1، وبصيرورة الجبل دكّاً أي مدكوكاً متحولاً إلى ذرات ترابية صغيرة فتغيرّت هويته وذهبت جبليته وقضى أجله.
وقوله تعالى: (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) 2ظاهر السياق أنّ الذي أصعقه هو هول ما رأى وشاهد، لكن يجب أن يتذكر أنّه هو الذي ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين تلقف الألوف من الثعابين والحيات، وفلق البحر فأغرق الألوف ثم الألوف من آل فرعون في لحظة، ورفع الجبل فوق رؤس بني إسرائيل كأنّه ظُلّة، وأتى بآيات عظيمة أخرى وهي أهول من دكّ الجبل وأعظم، ولم يصعقه شيء من ذلك ولم يدهشه، ودكّ الجبل أهون من ذلك، وهو بحسب الظاهر في أمن من أن يصيبه في ذلك خطر فإنّ الله إنّما دكّه ليشهده كيفية الامر.
فهذا كله يثبت أنّ الذي صعقه إنّما هو ما تمثل له من معنى ما سأله وعظمة القهر الإلهي الذي أشرف أن يشاهده ولم يشاهده هو وإنّما شاهده الجبل فآل أمره إلى ذاك الاندكاك العجيب الذي لم يستقرّ معه مكانه طرفة عين، ويشهد بذلك أيضا توبته عليه السلام بعد الإفاقة.
وقوله تعالى: (فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ