32وهو ما يترجم لنا السلوك الإرهابي للوهّابيّين بفِرَقهم المختلفة في مواجهة خصومهم على مستوى الحاضر. 1
والجهمية والتيّارات الأُخرى تبنّت نهج التأويل في مواجهة النصوص الواردة في القرآن والخاصّة بصفات الله تعالى، كذلك الروايات المنسوبة للرسول(ص)، ورفضوا أن تُؤخذ على ظاهرها أو على وجه الحقيقة.
قال ابن حنبل: إنّ القرآن ليس بمخلوق، وإنّ الله سوف يُرى يوم القيامة، وإنّه فوق العرش في السماء، وإنّ له عيناً ويداً ويضحك ويغار وينزل إلى السماء الدنيا، إلى غير ذلك من الأُمور التي أشارت لها الروايات التي تبنّاها ابن حنبل، وتعصّب لها الحنابلة من بعده، وأخضعوا لها نصوص القرآن، وأرهبوا بها المخالفين.
ورفض الآخرون هذه الروايات، وقالوا بأنّ القرآن مخلوق، وأنّ الله من المستحيل رؤيته، وأنّ جميع الصفات الواردة لله في القرآن والروايات يجب تأويلها وأخذها على وجه المجاز لا الحقيقة، فاليد تعني القدرة، والعين تعني الإحاطة، وكلام الله مع الرُسُل يكون بواسطة، ونزول الله يعني نزول رحمته، وأنّ مشيئة الله منفصلة عن مشيئة العبد، وهو ما ينفي فكرة الجبرية.
واعتبر ابن حنبل والحنابلة من بعده هؤلاء من المبتدعة الضلاّل المنكرين لسنّة رسول الله(ص)، وحرّضوا المسلمين عليهم، وأفتوا بعدم جواز مناكحتهم والتعامل معهم، بل بوجوب إحراق كتبهم والتنكيل بهم.
قال ابن حنبل: ومَن ادّعى أنّ وجهه - أي: وجه الله تعالى - نفسه فقد ألحد، ومَن غيّر معناه فقد كفر، ويفسد أن تكون يده القوّة والنعمة والتفضّل، ومَن خالف ذلك وجعل العلم لقباً لله عزّ وجلّ ليس تحته معنى محقّق فهذا خروج عن الملّة. 2