33ورسالة الردّ على الجهمية والزنادقة - كما يبدو من عنوانها - رسالة متطرّفة شديدة اللهجة في مواجهة الخصوم أسّست حالة العداء الدائمة للآخر في نفوس الحنابلة، وبرّرت العدوان عليه واستحلاله.
وتلك الحالة توطّنت في نفوس الوهّابيّين أيضاً، الذين ورثوا هذا الفكر المتطرّف عن ابن حنبل، وتبنّوا لغته الإرهابية.
رسالة السنّة
يقول ابن حنبل في مقدّمة هذه الرسالة: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر (أقوال التابعين)، وأهل السنّة المتمسّكين بعروقها المعروفين بها، المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي(ص) إلى يومنا هذا، وأدركت مَن أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمَن خالف شيئاً من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها؛ فهو مبتدع خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنّة وسبيل الحق.
وكلام ابن حنبل هذا أصبح سُنّةً ثابتة للحنابلة من بعده، التزم بها: ابن تيمية، وابن القيّم، وابن كثير، ومحمّد بن عبد الوهاب، ثمّ الفِرَق التي تولّدت من هذا النهج.
وإضافة مثل هذا الطرح للرسول(ص)، والصحابة، وأهل العلم فيه نظر، وهو أشبه بالوهم؛ وذلك يعود إلى انغماسهم في الرواية ومغالاتهم فيها، فظنّوا أنّهم يتمسّكون بها كما يتمسّكون بنهج الرسول(ص).
ومسألة الروايات أو السنّة - كما يسمّونها - كانت ولا زالت محلّ خلافٍ بين المسلمين، فهناك تيّارات نبذتها كليّاً.
وهناك تيّارات تتعامل معها بحذر.
وهناك تيّارات تنادي بإخضاعها للقرآن والعقل.
وليس الحنابلة من بين هؤلاء.
ومن هنا نشأ تطرّفهم وتعصّبهم، والذي يبدو بوضوح من خلال استعراض النصوص التالية من عقيدة ابن حنبل: