31والآراء التي نسبها ابن حنبل للجهمية لا تخرج عن كونها آراء كلامية لا تمس أصل الدين في شيء، لكنّ ابن حنبل ضخّمها واستخدمها كوسيلة تخويف وإرهاب.
تخويف للمسلمين كي لا يخوضوا فيها ويبتعدوا عنها.
وإرهاب للمخالفين الذين يقولوا بمثل هذه المقالة.
وورث ابن تيمية هذا العقل الإرهابي عن ابن حنبل، وورث ابن عبد الوهاب هذا العقل عن ابن تيمية، وورثت الفِرَق والجماعات الوهّابيّة المعاصرة هذا العقل عن ابن عبد الوهّاب.
وأصل الخلاف بين ابن حنبل والآخرين حول هذه المسائل يعود إلى أمرين:
الأوّل: عدم استخدام العقل.
الثاني: الإسراف في استخدام الرواية.
وفيما يتعلّق بالعقل، فقد نبذه ابن حنبل والحنابلة وجرّموا الرأي وأصحابه، على ما سوف نبيِّن.
وفيما يتعلّق بالرواية، فقد غالى فيها ابن حنبل والحنابلة من بعده واعتبروها مصدراً من مصادر الاعتقاد والتشريع، وهو ما ولّد فيما بعد فكرة ربط القرآن بالرواية، أو ما أُطلق عليه: السنّة.
وأزمة ابن حنبل مع المخالفين تكمن في التأويل الذي رفضه، ورفضه الحنابلة من بعده؛ سيراً مع سُنّتهم في تجريم العقل والرأي.
وتجريم العقل والرأي سوف يقود إلى التطرّف حتماً، وسوف يفتح الأبواب على مصارعها لإرهاب المخالفين والبطش بهم، وهو ما ترجمه لنا سلوك الحنابلة في مواجهة خصومهم، الذي رصدته لنا كتب التاريخ. 1