12أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين، وذلك في ذي القعدة، فحشد عليها المسلمون وتسوّروا جدرانها ودخلوها عنوة، وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا القبّة الموضوعة - بزعم مَن اعتقد فيها - على قبر الحسين، وأخذوا ما في القبّة وما حولها، وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر، وكانت مرصوفة بالزمرّد والياقوت والجواهر، وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من أنواع الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضّة والمصاحف الثّمينة، وغير ذلك ما يعجز عنه الحصر، ولم يلبثوا فيها إلاّ ضحوة وخرجوا منها قبل الظهر بجميع تلك الأموال، وقُتل من أهلها قريب من ألف، ثمّ إنّ ابن سعود ارتحل منها على الماء المعروف بالأبيض فجمع الغنائم وعزل أخماسها وقسّم باقيها في المسلمين غنيمة للراجل سهم وللفارس سهمان، ثمّ ارتحل قافلاً إلى وطنه. 1
ويلاحظ من خلال كلام هذا المؤرِّخ أنّه أطلق على الوهّابيين لفظ المسلمين وهو ما يعني الحكم بكفر مَن دونهم، الأمر الذي برّر هذه الغزوة المباركة بالجيوش المنصورة حسب تعبيره.
وما يؤكّد هذا التصوّر أنّ ابن سعود وعناصره استباحوا المدينة فقتلوا وأحرقوا وسلبوا دون أن يردعهم وازع من الدين أو الخلق، معتبراً أنّ ذلك حقّ شرعي له ولأتباعه الموحّدين في مواجهة المشركين من المسلمين المخالفين.
وكون كلّ ذلك عمل يوم واحد فقط أمر يدلّ على همجيّة الوهّابيين وبشاعتهم ووحشيّتهم ممّا يدل على أنّهم لا يحملون شيئاً من خُلُق الإسلام وآدابه.
وقيام ابن سعود بتقسيم الغنائم على أتباعه يعني أنّ حربه كانت جهاداً في سبيل الله، وغزوته تُعدّ امتداداً للغزوات الأُولى التي أطلق عليها المؤرِّخون اسم الفتوحات.
والغزوات الأُولى لم تكن سوى غزوات سياسية لا مبرِّر لها شرعاً، ولا يوجد ما يدعمها من نصوص القرآن سوى بعض الروايات المنسوبة للرسول(ص) والتي تفوح