28تسويتها بالأرض وإعفاء أثرها واتخاذ المساجد عليها بعد ذلك وعقد باباً تحت عنوان هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد 1.
الحكمة في الأمر بهدم قبور المشركين
يظهر من مجموع الروايات أن النهي عن الاحتفاء بالقبور في أوائل البعثة النبوية أو عندما بعث عليٌّ إلى اليمن في بداية عهدهم للإسلام أو عندما بعث عليٌ أبا الهياج إلى بعض الأطراف الداخلة لتوها في الإسلام و الأمر بهدم القبور المبنية أو المشرفة (المرفوعة) والأمر بإعفائِها وطمسها هو لأجل قطع العلاقة بين الجيل الأول الداخل في الإسلام عن الجيل السابق من أقوامهم الذين كانوا على شرك الوثنية لكي لا يتأثر أهل القبور من ذويهم كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «مٰا كٰانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كٰانُوا أُولِي قُرْبىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحٰابُ الْجَحِيمِ» 2.
وفي قوله تعالى: «وَ لاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَ لاٰ تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ مٰاتُوا وَ هُمْ فٰاسِقُونَ» 3.
فالآيتان تنصانِ على الفصل بين موتى وقبور المشركين وموتى وقبور المؤمنين فإنه لايجوز التردد والقيام والاحتفاء بقبور النمط الأول بخلاف النمط الثاني فإنهما دالتانِ على مفروغية عبادية وهي زيارة القبور والقيام والدعاء عندها وانه سنة في أصل الشريعة فإن لسانهما كالاستثناء من العموم السابق المقدر، مضافاً إلى اشتمالهما على التعليل للنهي عن زيارة قبور المنافقين بأنهم كفروا واشركوا والتعليل يخصص ويفيد التفصيل.
وقد يُشكل في دلالة آية القيام على القبر
الإشكال الأول: إنها ليست في صدد تفصيل الزيارة للقبور لأن عنوان الزيارة غير عنوان القيام على القبر.