29الإشكال الثاني:أن القيام على القبر فعلٌ يؤتى به عقب الدفن للصَلاة على الميت لا مطلقاً.
وضوح دلالة الآيتين على سنة زيارة القبور
الجواب على ذلك: بأن هذا القول مكابرة واضحة فإن الزيارة إلى القبر ليست إلا الذهاب إلى القبر والكون عنده سواء في حالة الوقوف أو الجلوس أي (الإقامة عنده) والقيام عند القبر لا يتحقق إلا بالذهاب إليه و الكون عنده قريباً سواء كانت الحالة وقوفاً أو جلوساً فوحدة المراد بين العنوانين من الكناية المستعمل فيها لفظ البعض أو الغاية مع إرادة الكل والمغيى.
ولكي يتضحُ هذا المطلب نقول بأن القيام عند القبر غاية للذهاب الذي يحصل به مقدمة الزيارة كما انه بعضٌ من مجموع فعل الزيارة وهذا نظير ما ورد في كتاب الحج من لفظ الوقوفين في عرفات والمزدلفة فإن المراد منه الكينونة في ذلك المكانين لا خصوص الوقوف مقابل الجلوس، والحاصل أن النهي عن القيام على قبور المنافقين إنما هو بلحاظ الدعاء لهم والترحم عليهم نظير مفاد الآية الأولى وهذا الأمر يُمارس عند زيارة القبور وليس المنهي عنه هو الوقوف المجرد ولا يلتزم أحد بحرمة الوقوف المجرد عند قبور المشركين و الاقتراب منها بل الغاية هي التحريم بلحاظ الاستغفار والترحم والدعاء لهم وهو عمدة ما يمارس في زيارة القبور حتى في صيغة التسليم على أهل القبور فإنه نمط من الدعاء والترحم والدعاء بالسلامة والأمن لهم، ومنه يظهر الجواب على الإشكال الثاني بأن الدعاء والتسليم على الميت لا يختص بمراسم الدفن فقط بل هو مستمرٌ.
فإنه قد روي مستفيضاً زيارته (ص) للبقيع كل أسبوع وتسليمه عليهم والدعاء لهم وقراءته الحمد وأنها تُنيرُ وتزيلُ ظلمةَ قبورهم، فقيامُهُ (ص) على القبور غير مخصوص بمراسم الدفن وكذلك ما كانت تفعله سيدة النساء فاطمة المطهرة الصديقة من زيارتها لقبر سيدالشهداء حمزة أو شهداء أحد، ثم أن هناك فائدة حكاها الآلوسي في روح المعاني عن