22 فما هو صلة الأمر بتسوية القبور بذلك، إذ وحدة السياق لا تدل على وحدة المتعلق في النهي بل غاية ما يتشبث في الوحدة هو بالسياق الذي هو أضعف القرائن؛ وهو لأجل تحديد مفاد الحكم من كون الحكم الإلزامي أو الندبي أوالكراهتي في الجمل المتعاقبة، وأما أن متعلق النهي والأمر أن سببهما واحد فهذا مما لا سبيل إلى استفادته من وحدة السياق وهي مغاير لوحدة المتعلق ومن ثمة لا صلة بين النهيين والأمرين ألا ترى في قوله تعالى: «وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً» 1.
فهل لأحدٍ أن يستظهر أن الأمر بالإحسان إلى الوالدين من أحكام العقيدة والاعتقاد فضلاً أن يكون من أركان التوحيد كي يكفر به العاق لوالديه بل ليس الأمر بالإحسان إلى الوالدين حكماً وجوبياً بل أن الإحسان للوالدين محمول على الندب نعم عقوق الوالدين محرم من الكبائر ولكن ليس من أحكام مسائل العقيدة.
فالمحرم في الوالدين هو جهة العقوق لهما لا وجوب كافة درجات الإحسان لهما ومن ثَم يحتمل في الحديث أن تسوية القبر المشرف ذي الشرفة محمول على الكراهة إلى غير ذلك من موارد الاستعمال الكثيرة المعطوف فيها الأمر الفرعي على الأمر الإعتقادي في موارد استخدام القرآن الكريم.
ثالثاً: أن الأمر بتسوية القبور في مقابل إشرافها قد استظهر منه الكثير إرادة تسطيح القبور في مقابل تسنيمها وقد حكاه ذلك ابن تيمية نفسهُ في كتابه منهاج السنة عن جملة من علماء السنة 2 وقد إلتزم ابن تيمية بذلك.
كما أنه قد حكى النووي في شرح مسلم 3 قوله (يأمرُ بتسويتها) وفي رواية أخرى (ولاقبراً مشرفاً إلا سويتهُ) فيه أن من السنة أن لايرفع القبر على الأرض رفعاً كثيراً ولايسنم بل يرفع نحو شبر ويسطح و هذا مذهب الشافعي ومن وافقهُ، ونقل القاضي