48أسباب عدم إرجاعه (ع) فدك لأهل البيت عليهم السلام في خلافته، وهذه لمحة لبعض من تلك الأسباب والمبرّرات:
أ. ترسُّخ سُنَّة مَن سبقه من الخلفاء
إنّ من الواضح تاريخيّاً أنَّ أمير المؤمنين (ع) استلم خلافة الرّسول (ص) بعد مرور ما يقارب خمساً وعشرين سنة من رحيل النّبيّ الخاتم (ص) ، في الوقت الّذي سنَّت فيه الحكومات السابقة كثيراً من القوانين، وأحكمت العديد من السُنن الّتي ترسّخت في صدور كثير من المسلمين، بحيث كان من غير الممكن تغييرها بهذه البساطة والعجالة. ومن تلك الأمور الّتي أقرّوها هي أنَّ فدك من جملة تركة الرّسول (ص) ، وأنَّه لا يورِّث، وما تركه صدقة. فتغيير هذا الأمر ومُخالفته بشكل سريع يولِّد قراءة خاطئة لخلافة الإمام (ع) ؛ بحيث يُفهم منه أنَّه استغلّ الوضع لصالحه، ممَّا سيساهم في تعقيد الأمور أكثر ممَّا هي عليه عقب فتنة عثمان.
وفي بعض الرّوايات الشّيعيّة إشارة لهذا المعنى؛ فقد روى الشّيخ الكليني في الكافي، بسنده عن سليم بن قيس الهلالي، أنَّ أمير المؤمنين (ع) أقبل بوجهه، وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته، فقال:
قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (ص) ،متعمِّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مُغيِّرين لسُنّته، ولو حملتُ الناس على تركها وحوّلتها إلى مواضعها، وإلى ما كانت في عهد رسول الله (ص) ؛لتفرق عنِّي جندي، حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرضِ إمامتي من كتاب الله عزّوجلّ، وسنّة رسول الله (ص) .
أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (ع) ،فرددته إلى الموضع الّذي وضعه فيه رسولالله (ص) ،ورددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام، ورددتُ صاع رسول (ص) كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله (ص) لأقوام لم تمضِ لهم ولم تنفذ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد، ورددت قضايا من الجور قُضي بها، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حقّ، فرددتهنّ إلى أزواجهن، واستقبلت بهنَّ الحكم في الفروج والأرحام،