17ما يكشف بأنّ النبوّة مقرونة تماماً بالإمامة وأنّهما منصبان من قبل الله تعالى. وقد رُويت قضيّة يوم الدار في المصادر التأريخية كما يلي:
بعد مضي ثلاث سنوات من بعثة الرسول ودعوته سرّاً، خاطبه الله تعالى بقوله: ( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (الشعراء: 214)، فدعى الرسول(ص) أكثر من أربعين شخصاً من أقربائه وكانوا كلّهم من وجوه بني هاشم، وأعدّ لهم وليمة، فلمّا أنهوا تناولهم للطعام، قال لهم:
يا بني عبدالمطلب، إنّي - والله - ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيّكم يوازرني على هذا الأمر يكون أخي ووصيّي ووزيري فيكم؟
ثمّ أمهلهم الرسول ليجد من يوافق دعوته، فهيمن الصمت والاستغراب والحيرة على أهل المجلس وأطرق الجميع برؤوسهم إلى الأرض.
فكسر علي بن أبي طالب(ع) حاجز الصمت ونهض من مكانه وكان له من العمر أقل من 15 عاماً، وقال: «
أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه »، ثمّ مدّ يده ليبايع الرسول(ص)، فأمره الرسول بالجلوس، ثمّ كرّر(ص) دعوته ثانية، فلم يقم إلّا علي(ع)، وفي هذه المرّة أيضاً أمره الرسول(ص) بالجلوس، وكرّر الرسول دعوته ثالثة، وفي هذه المرّة أيضاً أحجم القوم عن تلبية دعوته، ولم يقم إلّا علي ليعلن استعداده لمؤازرة النبي(ص) والدفاع عن أهدافه المقدّسة. فعند ذلك أخذ الرسول بيد علي(ع) قال مقولته المشهورة في مجلس كبار بني هاشم وهي قوله(ص):
«إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا». 1