13
المنهج العقلاني في طريقة اختيار الخليفة
قبل تصفّح كتب الحديث الشريف ومصادر التأريخ من الضروريّ أن نتحدّث عن خلافة النبي(ص) من الناحية الاجتماعية وأن نتعرّف على الظروف التي كانت تحيط بالمنطقه أواخر حياته، وخلاصة الكلام هل عيّن الرسول(ص) شخصاً لولاية الأمر وإدارة شؤون الأمّة من بعده أم ترك الأمر للمهاجرين والأنصار والتحق بالرفيق الأعلى؟
وتكشف الاستقراءات الاجتماعية بوضوح أنّه(ص) عيّن شخصاً لولاية الأمر من بعده، وأنّه(ص) كان مقدَّماً بأمر الله (اختيار الله) على (اختيار الأمّة)؛ لأنّ الأمّة الإسلامية كانت زمان رحيله(ص) مهدّدة من قبل ثلاثة تيارات معادية وقويّة، وهي المجوس عَبَدة النار من الشرق، والروم المسيحيون من الغرب، والطابور الخامس المتجسّد بحركة النفاق في صميم المجتمع الإسلامي، وكانت هذه حركة قويّة جدّاً ومتغلغلة في صميم المجتمع بشهادة الآيات القرآنية الكثيرة التي نزلت بشأن المنافقين في مختلف السور القرآنية.
فكانت مصلحة المجتمع الإسلامي أنذاك تقتضي - دون شكّ - أن يعيّن النبي(ص) شخصاً قويّاً، عالماً، واعياً، زاهداً، تقيّا لخلافة الأمّة من بعده، ويبذل غاية جهده للحفاظ على كيان الأُمّة الإسلاميّة ومواجهة التيّارات الخطيرة الثلاثة. ولا شكّ في أنّ غضّ الطرف من قبل النبي(ص) إزاء أمر الخلافة كان سيؤدّي إلى نشوء تيّار خطير آخر - إضافة إلى التيّارات الثلاثة - وهو تيّار الصراع بين المسلمين حول الخلافة، وقد يؤدّي هذا التيّار إلى نشوب حرب داخلية تقضي على المجتمع الإسلامي من الداخل. فهذه الحقائق التأريخيّة تكشف لنا ضرورة تقديم تدخّل الأمر الإلهي في تحديد من يتولّى الأمر بعد