48لم يقبل جرح الجوزجاني إذا عارضه غيره، إذ قال في ترجمة سعيد بن عمر بن أشوع الكوفي، ما هذا نصّه:
سعيد بن عمر ابن أشوع الكوفي، من الفقهاء، وثَّقه ابن معين، والنسائي والعجلي، وإسحاق بن راهويه، وأمّا أبو إسحاق الجوزجاني، فقال: كان زائغاً غالياً، يعني في التشيّع. قلت [والكلام لابن حجر]: والجوزجاني غالٍ في النصب، 1 فتعارضا. وقد احتجَّ به الشيخان، والترمذي له عنده حديثان في أحدهما متابعة. 2
فتحصّل من ذلك:
إنَّ الجوزجاني وُثِّق مع نصبه، بل جُعِلَ من أئمّة الجرح والتعديل، وكلُّ ذلك مخالف لما اشترطوه من عدم الابتداع، كما أنَّ نصب الجوزجاني أثَّر كثيراً في موقفه من كثير من المحدّثين، بل ومن أئمّة الحديث؛ حتى راح يضعّفهم بسبب نصبه وبغضه لعلي بن أبيطالب عليه السلام ، ولعلَّ هذا واحد من تأثيرات النصب المتعدِّدة، والتي سنُشير لها تباعاً، كلاًّ في موضعه.
لكن إجمالاً نقول: إنَّ النصب كما أنَّه يؤثِّر على موقف صاحبه من غيره من الرواة -في مسألة توثيقهم وتضعيفهم - كذلك يؤثِّر حتى على الرواية، بل قد يصل الحدُّ بالناصبي إلى وضع واختلاق روايات في ذمِّ مَن أبغض - كما سيتَّضح في ترجمة حريزبن عثمان الآتية إن شاء الله - بل يتعدَّى الأمر ذلك إلى أن يصل إلى تضعيف الحديث الصحيح بل المتواتر، أو صرف دلالته، خصوصاً إذا كان فيه فضيلة للمُبغَض.
2- حريز بن عثمان
هو حريز بن عثمان بن جبر بن أسعد الرحبي الحمصي، ورحبة بطن من بطون حمير.