17 وذلك كما أسلفنا؛ لتجنُّب تمزيق الوحدة الإسلامية واستقلال الأُمَّة.
إذن، البراءة من المشركين لا تترتَّب على كافّة طوائف الكفّار والمشركين، وإنَّما استثنى القرآن الكريم طوائف، إمَّا لملائمة الظروف لهدايتهم، وإمَّا لعدم خطرهم على الهوية الإسلامية واستقلالها، أوالهداية البشرية.
وتكمن الحِكم والأسرار في هذا الحكم القرآني في مجموعة من الآيات القرآنية الواردة عن البراءة من المشركين والنهي عن تولّيهم، والاستثناءات الموجودة.
2- الدفاع عن الهوية الإيمانية
إنَّ البراءة تقع على مَن تضرّ علاقته بالمسلمين والهوية الإسلامية. نعم يمنع القرآن تولّي الكفّار واتّخاذهم أولياء بمعنى التسلط على المسلمين، وإن استثنى فريقاً منهم، فإنّما استثناه من حكم النهي عن التولّي بمعنى العلاقة الطبيعية.
ويذكر القرآن سرّ هذا التحديد، والتقييد فيقول:
(يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِمٰا جٰاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِيّٰاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللّٰهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهٰاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغٰاءَ مَرْضٰاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمٰا أَخْفَيْتُمْ وَ مٰا أَعْلَنْتُمْ وَ مَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوٰاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدٰاءً وَ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) 1.