44العالم البعيدة وهم معتقدون بأنّ النبيّ(ص) حيٌّ، والأئمّة أحياءٌ، وإنّما يأتون موالاةً لهم وتجديداً للعهد معهم والتسليم عليهم، ولم يأتوا لزيارة التراب والمكان المحدود الذي دفنت به الأجساد بخصوصه.
3 - الاحتمال الثالث المتصوّر في تقدير المستثنى منه هو كلمة (مسجد)، فيكون تقدير الحديث حينئذٍ: لا تشدّ الرحال إلى مسجدٍ إلّا المساجد الثلاثة.
وعلى هذا الاحتمال لا يكون للحديث أيّ دلالة على منع زيارة قبور الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم. وهذا الاحتمال هو أقرب الاحتمالات للصحة؛ لأنّه يخلو من المحاذير التي واجهت الاحتمالات السابقة، ولوجود قرينتين يؤيّدان هذا الاحتمال، وهما:
القرينة الأولى: أنّ النبيّ في هذا الحديث كان في سياق بيان فضيلة هذه المساجد الثلاثة قياساً بالمساجد الأخرى، فهو كأنّه يريد أن يقول: إنّ لهذه المساجد الثلاثة من الفضيلة والأجر ما يميّزها عن بقية المساجد ممّا لاينبغي تفويته من قبل مسلم، وأنّ المسلم لحريٌ به لأجل ذلك أن لا يشدّ رحاله ويسافر لغيرها، كما يفعل ليدرك فضيلة الحجّ والعمرة. وأمّا بقية المساجد لمّا لم يكن لها من الفضل مثل هذه المساجد فلا ينبغي شدّ الرحال لها.
وممّا يؤيّد ذلك أنّ الحديث قد جاء في جميع كتب أهل السنّة، عدا مورد واحد، بصيغة النفي، وهذا يدلّ على نفي الفضيلة في شدّ الرحال لسائر المساجد، ناهيك عن بعض العبائر التي جاءت بصيغة (لاينبغي). وسنفصّل الكلام حول ذلك في القادم من البحث.
القرينة الثانية: أنّ المستثنى في هذه الرواية هو مساجد ثلاثة، فيكون