43عدا السفر لزيارة هذه المساجد الثلاثة. وعليه يكون السفر للتجارة أو طلب العلم أو صلة الرحم داخلاً في هذا المنع.
أو نجعل كلّ هذه الموارد من المخصّصات لحديث (لا تُشدّ الرحال)، ومن المعلوم أنّ السفر لطلب العلم قد يكون واجباً وقد يكون مستحبّاً، وكذلك صلة الرحم وغيرها، فيلزم حينئذٍ تخصيص الأكثر، وهو من المرجوح وغير المقبول. فيثبت أنّ هذا الاحتمال لاوجه له.
2 - الاحتمال الثاني أن يكون التقدير كلمة (مكان)، فيكون معنى الحديث كأنّ النبيّ(ص) قال: (لا تشدّوا الرحال إلى مكان إلّا...)، ويكون الحديث حينئذٍ دالّاً على حرمة السفر إلى أيّ مكان غير المساجد الثلاثة المذكورة. وهو الاحتمال الذي بنى عليه ابن تيميّة، حيث قال: «مع أنّ قوله لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد يتناول المنع من السفر إلى كلّ بقعة مقصودة بخلاف السفر للتجارة وطلب العلم ونحو ذلك» 1.
وهذا الاحتمال باطلٌ أيضاً؛ لأنّه وإن قيل بوجوب كون المقدّر في الاستثناء المفرغ أعم المفاهيم قياساً بالمستثنى. ولكن يجب أن يكون المقدّر متّحداً معه بالنوع والصنف أيضاً.
وعلى فرض قبول تقدير كلمة (مكان)، فأيضاً يكون الحديث دالّاً على خصوص السفر بقصد زيارة الأمكنة والبقاع من غير المساجد الثلاثة المستثناة. أمّا مَن يذهب لزيارة النبيّ(ص) والأولياء الصالحين والتسليم عليهم، لا بنيّة زيارة أماكن قبورهم وأضرحتهم، فلا يشمله الحديث حينئذٍ؛ وذلك لأنّه ممّا لا شك فيه أنّ المسلمين يأتون من بقاع