31
القول الثانى: كراهة زيارة النساء للقبور
ذهب كثير من فقهاء المدرسة السنّية إلى كراهة زيارة النساء للقبور 1، وكان اعتمادهم على أحد الدليلين التاليين:
الأوّل: حديث: «لعن الله زوّارات القبور»، حيث استفادوا منه الكراهة؛ لأنّ الرواية تحتمل أكثر من وجه، ودلالة الحديث دائرة بين الحرمة والجواز، فتحمل على الكراهة.
الثاني: بسبب قلّة صبر النساء وضعف قدرتهن في تحمّل المصائب، فكُره لهنّ الذهاب إلى زيارة القبور.
مناقشة القول الثانى
لا يمكننا قبول هذا الرأي أيضاً؛ فهو يفتقر إلى الدليل المتين، وما اعتمد عليه من دليل مردود وغير صحيح.
أمّا بالنسبة للدليل الأوّل، الذي ذكره أصحاب هذا الرأي، فقد أجبنا عليه في جوابنا ومناقشتنا للقول الأوّل.
وبالنسبة للدليل الثاني، الذي اعتمد عليه أصحاب هذا الرأي، كذلك غير دالٍّ على المدّعى؛ لأنّه أخصّ منه، فالمدّعى أنّ زيارة القبور في كلّ مكان وزمانٍ مكروهةٌ، أمّا الدليل فيتناول خصوص النساء الجزوعات القليل صبرهنّ في المصائب وعند زيارتهنّ القبور، فهذا الدليل - لو سلّمنا كراهةَ قلّة الصبر على المصيبة - إنّما يدل على الكراهة حين تكون المرأة قليلة الصبر، ويكثر عويلها وجزعها عند زيارة القبور.