22وحاصل استدلاله في كتابَي (جامع الفتاوى) و(الفتاوى الكبرى) هو:
أنّ هناك روايتين نقلتا عن النبيّ الأكرم(ص) متعارضتين في ظهورهما، هما:
1 - «لعن الله زوّارات القبور».
2 - «نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإنّها تذكّر الآخرة».
ولعل قائلاً يقول: إنّ النهي عن ذلك في الرواية الأولى منسوخٌ بالثانية، كما قال ذلك أهل القول الآخر.
فيجاب: بأنّ هذا ليس صحيحاً؛ وذلك:
أوّلاً: لأنّ قوله(ص): «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» هذا خطاب للرجال دون النساء، فإنّ اللفظ لفظ مذكّر، وهو مختصّ بالذكور.
ثانياً: إنّنا على فرض التسليم بأنّ اللفظ كان عامّاً ويشمل النساء أيضاً، سنكون أمام روايتين، إحداهما عامّة، وهي: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» تشمل النساء في خطابها، ورواية خاصّة بالنساء تحرّم عليهنّ زيارة القبور، وهي «لعن الله زوّارات القبور»، وفي هذه الحالة لايخرج الأمر عن ثلاث احتمالات:
أ - أن نعلم بأنّ الرواية الثانية الخاصّة بالنساء صدرت بعد الرواية الأولى العامّة، وفي هذه الحالة تكون الرواية الثانية الخاصّة مخصِّصة لعموم الرواية الأولى، ومحرّمة لزيارة القبور من قِبل النساء.
ب - أن نعلم بأنّ الرواية العامّة صدرت بعد الرواية الخاصّة بالنساء، ولمّا كان الأصوليون يذهبون إلى عدم نسخ الخاص بالعام، تبقى حرمة زيارة النساء للقبور ثابتة.