59ومن لا يقبلها فما ذاك إلّاأنّ اللّٰه - عزّ وجلّ - يريد إهلاكه وحشره في زمرة السامرة واليهود والزنادقة ، ومن يرد اللّٰه - عزّ وجلّ - إضلاله فلا هادي له وَ اللّٰهُ يَحْكُمُ لاٰ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ لا يسأل عما يفعل قسّم الخلق الىٰ شقيّ وسعيد ، فهو الفعّال لما يريد ، فمن اتبع هداه فلا يضلّ ولا يشقىٰ ، ومن اتبع هوىٰ نفسه الأمّارة وأهل الزيغ والضلالة ، وحاد عن سبيل من بهم يُقتدىٰ هلك في المرقىٰ .
ولنرجع الىٰ قول السلف رضي اللّٰه عنهم : إذا جلس شخص للوعظ فتفقدوا منه أُموراً إن كانت فيه ، وإلّا فاهربوا منه ، وإياكم والجلوس إليه ، وإلّا هلكتم من حيث طلبتم النجاة .
قالوا ذلك حين ظهر أهل الزيغ والبدع ، وكثرت المقالات ، و ذلك بعد وفاة عمر رضي اللّٰه عنه وحديث حذيفة رضي اللّٰه عنه يدلّ لذلك واللفظ لمسلم .
[حديث حذيفة في الفتن ونبوغ الأهواء]
قال حذيفة : (كنّا عند عمر رضي اللّٰه عنه ، فقال : أيّكم سمع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم يذكر الفتن؟ فقال قوم : نحن سمعناه . فقال : لعلّكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره ، قالوا : أجل . قال : تلك تُكفّرها الصلاة والصيام والصدقة ، ولكن أيّكم سمع النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم يذكر التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة رضي اللّٰه عنه : فأسكت القومُ ، فقلت : أنا . قال : أنت للّٰهأبوك .
قال حذيفة رضي اللّٰه عنه : سمعت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم يقول : تُعرض الفتنُ علىٰ القلوب كالحصير ، فأيّ قلب أُشرِبَها نُكِت فيه نُكتة سوداء ، وأيّ قلب أنكرها نُكِت فيه نُكتة بيضاء ؛ حتّىٰ يصير علىٰ قلبين : علىٰ أبيض مثل الصفاة ، فلا تضرّه فتنة مادامت السموات و الأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجْخيّاً ؛ لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، إلّاما أُشرب من هواه .