58ومن ثمرة ذلك حصول الخشية وتزايد الخوف ، والعمل بالإخلاص والصدق والزهد وصون النفس عن مواطن الهلكة ، وإلّا هلك وأهلك غيره .
و مثل العالم كمثل السفينة إذا انخرقت غرقت وغرق أهلها ، فواجب علىٰ العالم أن يحترز لئلا يَهلك ويُهلك غيره ، فيلقىٰ اللّٰه بذنوبه وذنوب غيره ، فيضاعف عليه العذاب .
[قول محمد بن المنكدر بالتأويل]
قال محمد بن المنكدر - وهو من سادة التابعين ، وكانت عائشة رضي اللّٰه عنها تحبّه وتُكرمه وتَبِّره : الفقيه يدخل بين اللّٰه - عزّ وجلّ - وبين عباده ،فلينظر كيف يدخل ؟
وصدق ونصح قدّس اللّٰه روحه .
و هذا شأن السلف بذلوا النصيحة للإسلام والمسلمين ، و كانوا شديدين علىٰ من خالف ، ولا سيّما لما ظهر أهل الزيغ ، وتظاهروا بالتنويه بذكر آيات المتشابه وأحاديثه ، بالغوا في التحذير منهم ومن مجالستهم ، و كانوا يقولون : هم الذين عنى اللّٰه - عزّ وجلّ - في قوله تعالىٰ : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مٰا تَشٰابَهَ مِنْهُ ابْتِغٰاءَ الْفِتْنَةِ 1 الآية .
وكذا قالت عائشة رضي اللّٰه عنها .
و كانوا يقولون - إذا جلس أحد للوعظ والتذكير - : تفقدوا منه أموراً ، ولا تغترّوا بكلّ واعظ ، فإنّ الواعظ إذا لم يكن صادقاً ناصحاً سليم السريرة من الطمع والهوىٰ هلك وأهلك .
وذكروا أشياء ببعضها تنطفي نار الشبه التي بها يموّه أهل الزيغ .