56بسبعمائة ألف لغة .
وقوله تعالىٰ : ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ أي الإنسان نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ أي حرز منيع ، وهو الرحم ثم خلقناه علقة أي دماً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً أي قدر ما يُمضغ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً وبين كل خلقتين أربعون يوماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ وهو نفخ الروح فيه .
قاله ابن عبّاس ومجاهد والشعبي وغيرهم .
وقيل : نبات الأسنان والشعر ، قاله قتادة .
وقيل : ذكراً أو أنثىٰ ، قاله الحسن ، وقيل غير ذلك .
فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ أي المصوّرين والمقدّرين .
تنزّه سبحانه وتعالىٰ بعد ذكر هذه الأطوار . المعنىٰ : أنّ مَن هذه مِن بعض مقدوراته ، يستحقّ التعظيم والتنزيه ؛ لأنّ هذه التارات والتنقّلات إنشاء بعد إنشاء ، في غاية الدلالة علىٰ كمال القدرة ووصف الألوهية ، ثمّ الإنشاء الآخر أن شقّ الشقوق وخرق الخروق ، و أخرج العصب و جعل العروق كالأنهار الجارية ، وركّبها علىٰ منوال غريب ، مع كونه خلقاً سويّاً ، فأظهر يد القدرة والآيات الظاهرة ، وكمال الصنع والحكمة الباهرة ، وأودع فيه الروح والحركة والسكون والإدراك والتمييز ، ولغات الكلام والعلم والمعرفة والفهم والفطنة والفراسة ، وغير ذلك مّما يليق بهذا النوع الإنساني الحيواني الىٰ غير ذلك مّما يطول عدّه ، ويعسر تقديره وحدّه فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ .
ولو قيل لك : أخبرني عن قدر عروقك رقّة وثخانة وطولاً وقصراً ، أو عن حقيقة بعض ما في باطنك من أي نوع كان ، لعجزت عن بيان ذلك ولخرست ، وأنت وجميع هذا النوع الإنساني نُتفة تراب جعله بشراً منتشراً .
فتعالىٰ اللّٰه وتبارك أن يخوض في ذاته وصفاته إلّامن عَدِم الرشاد ، وسلك