17حتى جاء القرن الثامن الهجري، الذي برز فيه ابن تيميّة، المتوفّى عام 728ه، محاولاً إحياء أفكار الحنابلة المتطرّفة. وكانت النتيجة أن تصدَّى له فقهاء عصره وناظروه وأوقفوه، إلاّ أنّه تمادى في موقفه الشاذّ، وعمل على إبراز فكرة التجسيم والتشبيه التي كان ينادي بها الحنابلة من قبل، وتصدّى لها فقهاء أهل السنّة، بل أضاف إليها فكرة جديدة لمتكن مطروحة من قبل، وهي تحريم شدّ الرحال وزيارة قبر النبي(ص) وقبور الأنبياء والأولياء والصالحين.
ونودي بدمشق - يومئذٍ - أنَّ مَن اعتقد عقيدة ابن تيميّة حلّ دمه وماله، خصوصاً الحنابلة، ثُمَّ جمع الحنابلة من الصالحية - مركز تجمّعهم بدمشق وغيرها، وأشهدوا على أنفسهم أنّهم على معتقد الشافعي 1.
وقد انقسم الفقهاء في مواجهة ابن تيميّة:
منهم مَن نسبه إلى التجسيم.
ومنهم مَن نسبه إلى الكفر والزندقة.
ومنهم مَن طالب بقتله 2.
وابن تيميّة من القائلين بفناء النار، وهو ما دفع بشيخ الشافعية (السبكي الكبير) في زمانه للردِّ عليه، مؤكّداً فساد هذا القول ومخالفته لعقائد أهل السنّة 3.