242 - «قُلْ يَتَوَفّٰاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ »
فلا شك أنّ الجملة الأُولىٰ ليست هي الجواب علىٰ اعتراضهم حول إمكانية إعادة المعدوم من أجزاء الجسد، بل هي توبيخ لهم علىٰ إنكارهم لقاء اللّٰه وكفرهم بذلك، وإنّما ترىٰ الجواب الواقعي علىٰ ذلك في الجملة الثانية، وحاصله هو: أنّ ما يضلّ من الآدمي بسبب الموت إنّما هو الجسد وهذا ليس حقيقةُ شخصيته، فجوهر شخصيته باقٍ، وإنّ الذي يأخذه ملك الموت وينتزعه من الجسد ليس إلّا الجانب الأصيل الذي به تناط شخصيته وهو محفوظ عندنا.
إذن فالضال في التراب من الإنسان - بسبب الموت - هو القشر والبدن، وأمّا حقيقته وهي الروح الإنسانية التي بها قوام شخصيته، فلا يطالبها الفناء ولا ينالها الدثور.
التوفّي فيالآية ليس بمعنىٰ الإماتة، بل بمعنىٰ الأخذ والقبض والاستيفاء، نظير قوله سبحانه: «اَللّٰهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهٰا » (الزمر42/) وقوله تعالىٰ: «وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفّٰاكُمْ بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ مٰا جَرَحْتُمْ بِالنَّهٰارِ » (الأنعام60/) ومن قولهم «وافاه الأجل» وبعبارة أُخرىٰ: لو ضلّ بالموت كلّ شيء من وجودكم لكان لاستبعادكم إمكان إعادة الإنسان وجه مقبول.
وأمّا إذا بقى مابه واقعيتكم وحقيقتكم وهي النفس الإنسانية والروح التي بها قوام الجسد، فلا يكون لهذا الاستبعاد مبرّر، إذ تكون الإعادة حينئذ أمراً سهلاً وممكناً لوجود مابه قوام الإنسان.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير هذه الآية:
«إنّه تعالىٰ أمر رسوله أن يجيب عن حجتهم المبنيّة علىٰ الاستبعاد، بأنّ حقيقة الموت ليس بطلاناً لكم، وضلالاً منكم في