339فإنه لا يجب و لو حصله أجزأ و فيه نظر فإن الحاصل بالتكلف الحج أو السير إليه لا الصحة و أمن الطريق اللذان هما الشرط فإذا المتجه عدم الفرق و لو بذل له الزاد و الراحلة و نفقة له و لعياله لذهابه و عوده صار بذلك مستطيعا مع استكمال الشروط الباقية إجماعا كما في صريح الخلاف و ظاهر المنتهى و عن صريح الغنية و ظاهر التذكرة و لصدق الاستطاعة بذلك و خصوص الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة ففي الصحيح فإن عرض عليه الحج فاستحيى قال هو ممن يستطيع الحج و لم يستحي و لو على حمار أجزع فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل و في معناه غيره و إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين تمليك المبذول و عدمه و لا بين وجوب البذل بنذر و شبهه و عدمه و لا بين وثوق بالباذل و عدمه خلافا للحلي فاشترط الأول و للمحكي عن التذكرة فالثاني و للدروس فأحدهما و للمدارك و الذخيرة و غيرهما فالثالث و لا دليل على شيء من هذه عدا الأخير فيتوجه دفعا للعسر و الحرج اللازمين لعدم وثوق المنفيين إجماعا كتابا و سنة و فتوى و بها يقيد إطلاق النصوص المتقدمة مع عدم معلومية انصرافه إلى مفروضنا لاختصاصه بحكم التبادر بغيره و لو وهب له مال و أطلق لم يجب القبول على المشهور لأنه اكتساب و هو غير واجب له بخلاف البذل لأنه إباحة فيكفي فيهما الإيقاع و بذلك يتضح الفرق بينهما و لو قيد بشرط أن تصرفه في الحج فهل هو كالهبة المطلقة فلا يجب بذلك الحج أم كالبذل فيجب وجهان أحوطهما الثاني وفاقا لشيخنا الشهيد الثاني خلافا للشهيد الأول فاختار الأول و لعله الأظهر لأن اشتراط الصرف في الحج لا يخرجه عن الهبة المحتاجة إلى القبول الملحق لها بالاكتساب الغير الواجب بلا خلاف و دخولها في إطلاق النصوص غير واضح و لو حج به بعض إخوانه بأن استصحبه معه منفقا عليه أو أرسله إلى الحج فحج أجزأه عن الفرض فلا يحتاج إلى إعادته لو استطاع فيما بعد وفاقا للأكثر كما في المدارك بل المشهور كما في الذخيرة بل في غيرهما أن عليه فتوى علمائنا للصحيح قلت لأبي عبد اللّٰه ع رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه هل يجزي ذلك عنه عن حجة الإسلام أو هي ناقصة قال بل هي حجة تامة مضافا إلى الأصل و اتفاق من عدا الصدوق على أن الحج إنما يجب مرة بأصل الشرع خلافا للإستبصار فيعيد مع اليسار للخبر عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أقضي حجة الإسلام قال نعم و إن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت هل تكون حجة تامة أم ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم قضي عنه حجة الإسلام و تكون تامة و ليست ناقصة و إن أيسر فليحج و نحوه آخر لو أن رجلا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحج و كذلك الناصب و فيهما ضعف من حيث السند و إن قرب الأول من الموثق و إجمال في الدلالة لتدافع ظهور الأمر في الوجوب و فيهما قضاء حجة الإسلام في الأول و إلحاق الناصب بمحل الفرض الثاني في العدم بل الثاني أقوى قرينة على إرادة الاستحباب للإجماع على عدم وجوب الإعادة على الناصب بعد الاستبصار فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه مما عرفت في البين عما اقتضته الأدلة السابقة من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة و إن أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه لابتنائها على كون المراد من قوله حجة تامة ذلك و ليس بواضح و إن كان مما اتفق عليه أكثر الأصحاب لقرب احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه من أن المعنى فيه الحجة التي ندب إليها فإن ذلك يعبر عنها بأنها حجة الإسلام من حيث كانت أول الحجة قال و ليس في الخبر أنه إذا أيسر لم يلزمه الحج أقول و يعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى و منها صحيحة أخرى لراوي الصحيحة واردة في المعتبر يحج عن غيره و فيها عن رجل حج عن غيره أ يجزيه ذلك عن حجة الإسلام قال نعم إلى أن قال قلت حجة الأخير تامة أو ناقصة قال تامة و المراد بالتمامية فيها المعنى المزبور بلا خلاف كما في كثير من العبارات بل في جملة أخرى دعوى الإجماع و بذلك تضعف الصحيحة عن النهوض لإفادة المطلوب صريحا بل و لا ظهورا يطمأن إليه إن لم ينضم إليه فهم المشهور و كيف كان ما ذكرناه من الأصول المعتضدة بفتوى المشهور مع عدم صلوح الخبرين سندا و دلالة لمعارضتها لعلها كافية لإفادته سيما مع ندرة المخالف العامل بهما و رجوعه عما في الاستبصار في المبسوط إلى المختار فليحملا على الاستحباب كما عليه عامة متأخري الأصحاب تبعا للتهذيب و النهاية و المهذب و الجامع و المعتبر و غيرها كما حكي أو على من حج من غيره و لا بد من فاضل عن الزاد و الراحلة بقدر ما يمون به عياله الواجبي النفقة من الكسوة و غيرها حتى يرجع بالنص و الإجماع و في المنتهى لا نعرف فيه خلافا يعنى به بين العلماء ظاهرا و لو استطاع للحج مالا فمنعه كبر أو مرض أو عدو وجب عليه الاستنابة مع اليأس و استقرار الوجوب إجماعا كما في المسالك و الروضة و غيرهما و إلا ففي وجوب الاستنابة قولان و المروي في الصحاح المستفيضة و غيرها من المعتبرة أنه يستنيب ففي الصحيح و غيره إن كان موسرا و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره اللّٰه تعالى فيه كان عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له و فيه أن عليا ع رأى شيخا لم يحج قط و لم يطق الحج من كبره فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه و نحوه أخرى و في رابع لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه و إليه ذهب الشيخ في التهذيب و الخلاف مدعيا عليه الإجماع و حكى عنه في النهاية و المبسوط أيضا و عن الإسكافي و العماني و الحلبي و المرتضى و اختاره الفاضل في التحرير و كثير من المتأخرين و ادعى بعضهم كونه مذهب الأكثر بقول مطلق و القول الثاني للحلي و المفيد و جامع المقاصد كما حكي و الفاضل في القواعد و الفوائد و المختلف و ولده في الإيضاح للأصل و فقد الاستطاعة المشترطة في الوجوب فينتفى بانتفائها و يضعف الأول بلزوم تخصيصه بما مر و الثاني بأنها شرط الوجوب مباشرة لا استنابة فظاهر العبارة هنا و في الشرائع التردد كما عن صريح التذكرة و لعله للأصل مع قصور النصوص عن إفادة الوجوب المفروض أما الأول منها فلتعلق الأمر فيه بالضرورة و لم يقولوا بوجوب استنابته و حمله بالإضافة إليه على الاستحباب أو الإباحة و الأعم منهما و من الوجوب ينافي حمله بالإضافة إلى أصل الاستنابة على الوجوب إلا على القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته و مجازه في آن واحد و هو خلاف التحقيق و أما الخبران بعده فهما قضية في واقعة لا عموم لها فيحتملان الاختصاص بمحل الوفاق و هو صورة اليأس بعد استقرار الوجوب و يعضده الخبر الوارد في نحو هذه القضية و الظاهر اتحادهما و فيه أن رجلا أتى عليا ع و لم يحج قط فقال إني كنت كثير المال و فرطت في الحج حتى كبر سني فقال تستطيع الحج فقال لا فقال له على إن شئت