8والتسلّل بين أهلها ، وفي ذلك الخطر الأكبر . ولذا فإنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله كان يصرّح ويحذّر من افتراق أُمّته ، ويلوح للمفترقين بالنار والجحيم .
بيد أنّ ما حذَّر منه صلى الله عليه و آله وما كان يخشاه ، بدت أوّل معالمه الخطرة تتوضّح في اللحظات الأُولى لرحيله صلى الله عليه و آله وانتقاله إلى عالم الخلود ، وعندها وجد أعداء هذا الدين الفرصة مؤاتية للولوج إلى داخل هذا البناء ، والعمل على هدمه بمعاول أهله لا بمعاولهم هم .
فتفرّقت هذه الأُمّة فرقاً فرقاً وجماعات جماعات ، لا تتردّد كلّ واحدة من أن تكفّر الأُخرى ، وتكيل لها التهم الباطلة والافتراءات الظالمة ، وانشغل المسلمون عن أعدائهم بقتال إخوانهم والتمثيل بأجسادهم ، وحلّ بالأُمّة وباء وبيل بدأ يستشري في جسدها الغضّ بهدوء دون أن تنشغل بعلاجه .
نعم بعد هذه السنين المرّة من الفرقة والتشتّت بدأ المسلمون في أُخريات المطاف يلعقون جراحاً خلّفتها سيوف إخوانهم لا سيوف أعدائهم في حين ينظر إليهم أعداؤهم بتشفّ وشماتة .
إنّ ما حلَّ بالمسلمين من مصائب وتخلّف في كافة المستويات أوقعتهم في براثن المستعمرين أعداء اللّٰه ورسله يعود إلى تفرق كلمتهم وتبعثر جهودهم وتمزّق وحدتهم ، ولعلّ نظرة عاجلة لما يجري في بقاع المعمورة المختلفة يوضّح لنا هذه الصورة المؤلمة والمفجعة ، فمن فلسطين مروراً بلبنان ، والعراق ، وأفغانستان ، والبوسنة والهرسك ، والصومال وغيرها وغيرها مشاهد مؤلمة لنتائج هذا التمزّق والتبعثر .
وإن كان من كلمة تقال فإنّ للجهود المخلصة الداعية إلى الالتفات إلى مصدر الداء لا أعراضه فقط الثقل الأكبر في توقّي غيرها من المضاعفات الخطيرة التي تتولّد كلّ يوم في بلد من بلاد المسلمين لا في غيرها .