5
مقدّمة الناشر
لا يأتي المرء بجديد إذا ذهب إلى القول بأنّ الحقبة الزمنيّة التي شهدت البعثة المباركة لخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه و آله وسنوات عمره المعطاءة القصيرة كانت تؤلّف بحدّ ذاتها انعطافاً رهيباً وتحوّلاً كبيراً في حياة البشرية ، في وقت شهد فيه الخطّ البياني الدالّ على مدى الابتعاد المتسارع عن المنهج السماوي وشرائعه المقدّسة انحداراً عميقاً وتردّياً ملحوظاً أصبح من العسير على أحد تحديد مدى انتهائه وحدود أبعاده .
بلى ، إنّ مجرّد الاستقراء المتعجّل لأبعاد التحوّل الفكري والعقائدي في حياة البشرية عقيب قيام هذه الدعوة السماوية في أرض الجزيرة - المسترخية على رمال الوهم والخداع وسيل الدم المتدافع - يكشف وبلا تطرّف ومحاباة عظم ذلك التأثير الإيجابي الذي يمكن تحديد مساره من خلال رؤية التحوّل المعاكس في كيفيّة التعامل اليومي مع أحداث الحياة وتطوّراتها ، وبالتالي في فهم الصورة الحقيقية لغاية خلق الإنسان ودوره في بناء الحياة .
كما أنّ هذه الحقائق المجسّدة تكشف بالتالي عن عظم الجهد الذي بذله صاحب