11إذن فلابدّ من دراسة وقراءة هذه الفضائل، وذلك من خلال كونها مشروعاً إلهيّاً له أسسه ومنطلقاته، وغاية يسعى الوصول إليها.
ولابدّ أن تتصف هذه القراءات والدراسات بالموضوعية، والجديّة التامّة، والتحليل القائم على الأسس العلمية الصحيحة، وبالتالي بلورة النتائج المعرفية.
من هنا أذكر عاملاً واحداً ليكون نموذجاً لدراسة جادّة وموضوعية وعلمية لفضائل الأمير عليه السلام ، وعلى مساره تتوالى العوامل الجادّة بعد قراءة هذه الفضائل قراءة دقيقة كما أشرنا سابقاً.
العامل (النموذج):
إنّ الإنسان الناقص بفطرته وتكوينه ينشد إلى الإنسان الكامل في العلم والعمل، وبالتالي تجده يتحرّك في حياته في مسار حركة هذا الكامل، وهذا ما يسمّى في لغة القرآن الكريم ب-«الأسوة»، كما في قوله تعالى: لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (الأحزاب:21)
فلا يمكن الرقي والتكامل للإنسان الناقص والوصول إلى ذرى الكمالات إلّا بتوسّط (الإنسان الكامل) كما في لغة العرفان، أو (خليفة الله) في لغة القرآن، ومن هذه الحقيقة تتولّد حقيقة معرفيّة أخرى، مفادها أنّ الإنسان الناقص لا يمكن أن يساوي في حركته التكاملية الإنسان الكامل، فضلاً عن أنّه يتخطّاه، وهي حقيقة مبرهنة في محلّها عقلاً و نقلاً وكشفاً؛ وذلك لكون الحركة التكاملية حركة غير متناهية، بمعنى أنّ للإنسان تكاملاً لا يقفي، كما يقول (العرفاء)؛ لأنّها حركة وسير في أسماء وصفات الله (الحق) تعالى ذكره، وهذا ما يسمّى عند أهل المعرفة بالسفر الثاني، ويعبّرون عنه ب- (السفر من الحقّ إلى الحقّ بالحقّ)؛