2
ديباجة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي وهب الحياة و القوى و أفاض العقل ليغلب به الهوى، و بيّن للورى نجدى الضلالة و الهدى و رفع أهل العلم و الحجى و ذوى العقل و النهى من الثرى إلى الثريّا و من دركات الردى إلى درجات العلى و أثنى عليهم عدد الرمل و الحصى و أوضح فضلهم لكلّ من سمع و درى فله الحمد على نعمه التي لا تحصى و له الشكر على أياديه التي لا تستقصى و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن سيّد الأنبياء و صفوة الأصفياء محمّدا صلى الله عليه و آله عبده و رسوله و خليله و حبيبه و نجيبه و خيرته من خلقه و أنّ صهره المجتبى و أخاه المرتضى و خليفته المقتدى: عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أشرف الأوصياء و إمام الأتقياء و حجة الله على أهل الأرض و السماء و أنّ الأئمّة الراشدين و الخلفاء الهادين من ذرّيته حجج الله على الخلق أجمعين و معاقل العباد في الدنيا و الدين و سادات الأوصياء المنتجبين و آيات الله في العالمين فصلوات الله عليه و عليهم و الأوّلين و الآخرين و لعنة الله على أعدائهم دهر الداهرين.
أما بعد: فيقول المذنب الخاطىء الخاسر القاصر عن نيل المفاخر و المآثر ابن الغريق في بحار رحمة الله الغافر محمّد تقي قدس الله روحه: محمد باقر غفر الله لهما و حشرهما مع أئمتهما: إنّي لما ألفيت أهل دهرنا على آراء متشتتة و أهواء مختلفة قد طارت بهم الجهالات إلى أوكارها و غاصت بهم الفتن في غمارها و جذبتهم الدواعي المتنوعة إلى أقطارها و حيّرتهم الضلالة في فيافيها و قفارها فمنهم من سمّى جهالة أخذها من حثالة 1من أهل الكفر و الضلالة المنكرين لشرايع النبوة و قواعد الرسالة: حكمة و اتخذ من سبقه في تلك الحيرة و العمى أئمة يوالي من والاهم و يعادي من عاداهم و يفدي بنفسه من اقتفى آثارهم و يبذل نفسه في إذلال من أنكر آراءهم و أفكارهم و يسعى بكلّ جهده في إخفاء أخبار الأئمة الهادية صلوات الله عليهم و إطفاء أنوارهم «وَ يَأْبَى اَللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكٰافِرُونَ» .
و منهم عن يسلك مسالك أهل البدع و الأهواء المنتمين إلى الفقر و الفناء ليس لهم في دنياهم و أخراهم إلاّ الشقاء و العناء فضّحهم الله عند أهل الأرض كما خذلهم عند أهل السماء فهم اتخذوا الطعن على أهل الشرايع و الأديان بضاعتهم و جعلوا تحريف العقائد الحقة عن جهاتها و صرف النواميس الشرعية عن سماتها بضمّ البدع إليها صناعتهم و منهم من تحيّر في جهالته يختطفهم شياطين الجنّ و الإنس يمينا و شمالا فهم في ريبهم يترددون عميانا و ضلاّلا فبصّر الله نفسي بحمده تعالى هداها و ألهمها فجورها و تقواها فاخترت طريق الحق إذ هو حقيق بأن يبتغي و اتبعت سبيل الهدى إذ هو جدير بأن يقتفى فنظرت بعين مكحولة بكحل الإنصاف مشفيّة من رمد العناد و الاعتساف إلى ما نزل في القرآن الكريم من الآيات المتكاثرة و ما ورد في السنة النبويّة من الأخبار المتواترة بين أهل الدراية و الرواية من جميع الأمّة فعلمت يقينا أنّ الله تعالى لم يكلنا في شىء من أمورنا إلى آرائنا و أهوائنا بل أمرنا باتباع نبيّه المصطفى المبعوث لتكميل كافّة الورى و تبيين طرق النجاة لمن آمن و اهتدى و أهل بيته الذين جعلهم مصابيح الدجى و أعلام سبيل الهدى و أمرنا في كتابه و على لسان نبيّه بالرّد إليهم و التسليم لهم و الكون معهم فقرنهم بالقرآن الكريم و أودعهم علم الكتاب و آتاهم الحكمة و فصل الخطاب و جعلهم باب الحطة و سفينة النجاة و أيدهم بالبراهين و المعجزات و بعد ما غيب الله شمس الإمامة وراء