306لم يكن من مذهبنا أنه يوجب فورا و لا تراخيا في أصل وضع اللغة، و ذهبنا إلى أنه على الوقففقد قطع الشرع العذر بوجوب حمل الأمر المطلق على الفور، كما قطع العذر بحمله على الوجوب، و إن كان في وضع اللغة لا يقتضي ظاهره وجوبا و لا ندبا.
و قد دللنا على هذه الجملة في مواضع من كلامنا في أصول الفقه، و بينا أن الصحابة و التابعين، ثم تابعي التابعين و إلى وقتنا هذايحملون أوامر الشرع في الأحكام الشرعية من كتاب و سنة على الوجوب و الفور، و أن أحدا منهم لا يتوقف في ذلك طلبا لدليل، فصار هذا العرف الشرعي موجبا لحمل الأوامر الشرعية على الفور 1، و قد أمر الله تعالى بالحج أمرا مطلقا فيجب أن يكون محمولا على الفور.
و أيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم من قوله: من وجد من الزاد و الراحلة ما يبلغه الحج فلم يحج، فليمت إن شاء يهوديا و إن شاء نصرانيا 2.
المسألة الثامنة و الثلاثون و المائة [و العمرة إنما تجب في العمر مرة واحدة]
«و العمرة واجبة من جهة الاستطاعة كالحج» 3.
الصحيح عندنا: أن العمرة إنما تجب في العمر مرة واحدة، و ما زاد على ذلك فهو فضل، و هو قول الشافعي في أصح قوليه، و ذهب إلى ذلك الثوري، و أحمد، و إسحاق 4.