14الشريفة عن الإمام الباقر عليه السلام : «
إنّ محمّداً هو حجاب الله الأكبر »، وهذا يعني في أحد مداليله المكثّفة أنّ (محمّداً (ص) ) هو الوسيلة الإلهيّة الكاملة بين الله تعالى وبين عباده في حركتهم وسيرهم التكاملي نحو الله تعالى، فلا يمكن مساواة ذلك الحجاب الأكبر، فضلاً عن تجاوزه، وهذا هو أحد أسرار بقاء الحركة التكاملية للبشرية، كجذوة لا تنطفئ في كافّة العوالم في قوس الصعود إلى الله تعالى.
من هنا يتضح لنا هذا الأمر، وهو: أنّ الإنسان الكامل (خليفة الله) هو برزخ بين الوجوب والإمكان، وله حاشيتان حاشية إلى عالم الباطن، وحاشية إلى عالم الظاهر، فبالأولى يكون مظهراً لاسم الباطن، وبالثانية يكون مظهراً لاسم الظاهر؛ ولذا هو واسطة بين الحقّ والخلق، فتدبّر في قوله تعالى: قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحىٰ إِلَيَّ (الكهف: 110) تتضح لك الحقيقة، حيث نجد أنّه تعالى في هذه الآية وغيرها يؤكّد على حقيقة التفاوت في الكمالات، حتّى بين الأنبياء والرسل، كما في قوله تعالى: اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ (الإسراء: 21)، وقوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّٰهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجٰاتٍ (البقرة: 253)، مضافاً إلى الروايات الدالّة على هذه الحقيقة، فراجع.
عوداً على بدء:
أقول: إنّ إشارة القرآن الكريم، والروايات الواردة عن النبيّ وأهل بيته المعصومين عليهم السلام ، إلى فضائل الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام - التي لايمكن إحصاؤها أبداً، بل إنّنا لم نقف حتّى على قطرة من بحرها اللامتناهي - إنّما كان ذلك لأجل إيقاف البشرية جمعاء على ماله من الكمالات والمواصفات، وكونه الإنسان الإلهي، والقدوة الكاملة،