40من المعلوم لدى كل مطلع على التاريخ النبوي أنَّ اليوم الذي فارقت روح النبي صلى الله عليه و آله الدنيا كان أعظم يومٍ على المسلمين ، فقد ضجَّت المدينة بالبكاء والنحيب ولم تهدأ لهم عبرة ، قال ابن أعثم في كتابه الفتوح عند ذكر سقيفة بني ساعدة :
«إنَّ المسلمين اجتمعوا وبكوا على فقد رسول اللَّه ، فقال لهم أبوبكر : إن دمتم على هذا الحال فهو واللَّهِ الهلاك والبَوَار» 1 .
وقال أبو ذؤيب الهذلي : «قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالإحرام ، فقلتُ : مَهْ ؟ قالوا :
قُبِض رسول اللَّه» 2 .
وهكذا روي بكاء أبي بكر على النبي صلى الله عليه و آله لمَّا علم بموته جاء فانكب عليه فقبَّله وبكى . . . 3 ، كما بكى عليه عمر بن الخطاب وقال : بأبي أنت وأمي يارسول اللَّه ! لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه ، فلما كثروا واتخذت منبراً لتسمعهم حنَّ الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه لتسكن، فأمَّتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم . .الخ 4 ؛ وشاهد صدق هذا الخبر ما رواه أرباب الصِّحَاح والسُّنَن من حنين الجذع وضمِّ النبي صلى الله عليه و آله له .