17و الاختلاف فيما بيننا الذي يعتبر بمثابة التحوك على شفا حفرة من النار.
وقال تعالى: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لاٰ تَتَّبِعُوا خُطُوٰاتِ الشَّيْطٰانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» (البقرة - 208).. و أبرز مظاهر عداوة الشيطان اشعال نار الفتنة و النزاع و الاختلاف و التفرقة.
والناس في كل مجتمع يقتدون بعلمائهم و مفكريهم. فان كان هؤلاء متآلفين متوحدين فلا يطرأ على المجتمع شرخ أو انشقاق. و ان كانوا - و العياذ بالله - متباغضين مشتتين فلا امل في اصلاح مجتمعا تهم، و لا وحدة يمكن أن تظهر في هذه المجتمعات. لذلك يركز القرآن تحذيره للعلماء من اليوم الذي فيه: « تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ » . (آل عمران/ 105-106).
اختلاف الرأي باعتباره مقدمة للوصول الى هدف مشترك كاختلاف كفتي ميزان يسعى للموازنة بين الوزن و الموزون، و هو اختلاف لازم و مفيد. غير أن القرآن الكريم يؤكد على أضرار الاختلاف بعد العلم واتضاح الحقائق. و هو الختلاف تقع مسؤوليته على العلماء والمفكرين، و لامنشأ له سوى الأهواء النفسية الهابطة التي يعبر عنها القرآن بالبغي:
«وَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَتْهُمُ الْبَيِّنٰاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» (البقرة213/). «وَ مَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ إِلاّٰ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» (آل عمران19/). «وَ مٰا تَفَرَّقُوا إِلاّٰ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» (الشورى14/)، «فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّٰ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» (الجاثية/ 17).
و البغي لا يمكن ان يكون اطلاقا وسيلة لبلوغ الكمال على