9
الصلة بين الأحياء والأموات
إنّ زيارة الإنسان لقبر حبيبه ومن كانت له به صلة روحية أو مادّية، هي ممّا تشتاق إليه النفوس السليمة، فكلّ من يعيش تحت السماء باسم الإنسان السويّ اذا فارقَ أحبّته وأقرباءه، لا يقطع علاقته بمن شغف قلبه حبّاً، بل هو على حبّه باق، ويريد أن يُجسِّد محبَّته وشوقه بصور مختلفة، فهو تارةً يأوي إلى آثار حبيبه ورسوم داره وأطلاله فيحتفظ بألبسته وأثاثه وقلمه وخطوطه، ولا يكتفي بذلك بل يحاول أن يزور قبره وتربته حيناً بعد حين. كلّ ذلك بباعث ذاتي من صميم خلقته، فلا يصحّ لدين أُسُّه الفطرة أن يخالفه أو يمنعه من وصل أحبّائه وتعاهدهم.
لكن للإسلام أن يحدّدها ويذكر آدابها ويمنع عن بعض الأمور غير الدخيلة في صميمها، لكن ليس في وسعه بما أنّه منادٍ لدين الفطرة أن يقوم بقطع العلائق مع الأحبّة بتاتاً.
وعلى ضوء ذلك ترى أنّ السنّة حثّت على زيارة القبور وذكرت آثارها البنّاءة، ولو منعت في فترة خاصّة - لو صحّ المنع - فإنّما هو لمانع عن تطبيق الحكم وتنفيذه كما سيظهر لك.
هذا هو أصل الزيارة، وقضاء الفطرة على وفقه.
مضافاً إلى ذلك فلها آثار تربويّة وهي ما يلي:
الآثار التربوية لزيارة القبور
إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية، وأخلاقية وذلك لأنّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في