25قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، وقائل : القول ما قال عمر ، وهذا إن كشف عن شيءٍ فإنما يكشف النقاب عن وجود الاتجاهين حتّى آخر لحظة من حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله ، وأنّ اتجاه الاجتهاد بالرأي كان قويّاً ومؤثراً في مسير تاريخ المسلمين وفقههم وحياتهم ، وذلك هو الذي شرّع التعدديّة وحجيّة الرأي بعد وفاة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله .
ولا يخفى عليك أنّ ما يهمّنا بحثه هنا هو معرفة (وضوء النبي صلى الله عليه و آله ) من خلال بيان ملابسات التشريع الإسلامي على وجه العموم ، وما يتعلق بوضوء رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بوجه خاص .
المجتهدون بعد النبي صلى الله عليه و آله
لقد علمنا بوجود تيارين في زمن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله : متعبّد ، ومجتهد ، وبقاءهما إلى آخر لحظة من حياة النبي صلى الله عليه و آله ، ولظروف شتّى صار زمام الخلافة بيد رؤساء الاجتهاد والرأي بعد النبي صلى الله عليه و آله ، فكان من جملة ما اتخذوه من قرارات هو معارضتهم للتحديث عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لأمور رأوها .
فجاء في تذكرة الحفاظ : أنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال :
إنكم تحدّثون عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب اللّٰه ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه 1 .