١۴تُظهر إلى أيّ حدٍّ بلغ الإسراف في قبول الصُّورة النَّمطية عن الآخر المسلم، إلى حدٍّ طغت موارد الاختلاف الزَّائفة و ابتلعت معها عناصر التَّوافق و التَّلاقي التي هي من الأهمية بحيث يعظم على اللَّبيب تجاوزها؛ لأنَّها تمثل أعظم القيم الإسلامية. و لا نعتقد أنَّ مسألة التَّوحيد و النُّبوَّة و المعاد و ما شابهها من باقي الأُصول التي بها يكون المسلم مسلماً، هي دون سائر الأُصول المعتبرة في ديننا الحنيف حتى لا يُلتفت إليها في المقام، أو يتذرَّع بعدم كفايتها في بناء التَّقارب المنشود و الوحدة المتوخاة.
تتيح المقاربة التَّاريخية إمكانية النَّظر إلى موضوع الخلاف بوصفه ثمرةً لاعتمالات سياسيَّةٍ متراكمة، و صيرورة من التَّشكُّل الثَّقافي على خلفيّة الانزواء بالمذاهب و الطَّوائف و إحاطتها بأسوارٍ منيعةٍ لا تؤمّن الحدّ الأدنى من الذّهاب و الإياب بين الطّوائف