46الأنفس ويأخذها في مرحلتين : حين الموت وحين النوم ، فما قضى عليها بعدم الرجوع إلى الدنيا أمسكها ، ولم يردّها إلى الجسد ، وما لم يقض عليها كذلك أرسلها إلى أجل مسمّى . كل ذلك يكشف عن أنّ الموت ليس فناءَ الإنسانِ وآية العدم ، بل هناك انخلاع عن الجسد وارتحال إلى عالم آخر .
د - وهناك كلمة قيّمة لأبي الشهداء الحسين بن علي عليه السلام توضح هذه الحقيقة إذ قال لأصحابه في يوم عاشوراء : « صبراً يا بني الكرام فما الموت إلّاقنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء ، إلى الجنان الواسعة والنعم الدائمة فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ، وما هو لأعدائكم إلّاكمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب ، إنّ أبي حدّثني عن رسول اللّٰه أنّ الدنيا سجن المؤمن ، وجنّة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ما كذبتُ ولا كُذِّبتُ » 1 .
وفي هذه الآيات غنى وكفاية لثبوت الحياة البرزخية للأنبياء والشهداء والصديقين ، بل لغيرهم وقد شهدت بذلك الآيات الكريمة التي لا مجال لنقلها ، وهذه الحقيقة ممّا أجمع عليها أئمة أهل السنّة ، فهذا الإمام الأشعري يقول : « ومن عقائدنا أنّ الأنبياء عليهم السلام أحياءٌ » وقد ألّف كتاباً أسماه «حياة الأنبياء» 2 .
فلنقتصر بهذا البيان في إثبات الموضوع الأوّل وقد تركنا الاحتجاج على حياتهم بما ورد في السنّة النبويّة وسيوافيك بعضها في المستقبل .
* * *