45المنزلة العليا ، أولى بالحياة بعد الوفاة وبعدهم الصدّيقون .
ج - دلّت الآيات الكريمة والبراهين العقلية على أنّ الموت ليس فناء الإنسان ونفاذه ، وإنّما هو انتقال من عالم إلى آخر ، نعم الماديون المنكرون لعالمِ الأرواح ، والنافون لما وراء الطبيعة يعتقدون بأنّ الموت فناء الإنسان وضلاله في الأرض بحيث لا يبقى شيء من بعد ذلك إلّا الذرّات المادية المبعثرة في الأرض ، ولهذا كانوا ينكرون إمكان إعادة الشخصية البشرية ، إذ ليس هناك شيء متوسط بين المبتدأ والمعاد .
جاء الوحي يندد بتلك الفكرة ويفنِّد دليلهم المبني على قولهم :
«أَ إِذٰا ضَلَلْنٰا فِي الْأَرْضِ أَ إِنّٰا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ» فردّهم بقوله : «قُلْ يَتَوَفّٰاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ » (السجدة10/ - 11) .
وتوضيح الردّ أنّ الموت ليس ضلالاً في الأرض وأنّ شخصية الإنسان ليست هي الضالة الضائعة في ثنايا التراب ، وإنّما الضال في الأرض هو أجزاء البدن المادّي ، فهذه الأجزاء هي التي تتبعثر في الأجواء والأرض ، ولكن هذه لا تشكّل شخصية الإنسان ، بل شخصيته شيء آخر هو الذي يأخذه ملك الموت ، وهو عند اللّٰه محفوظ ، كما يقول : «يَتَوَفّٰاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ» فإذاً لا معنى للتوفّي إلّاالأخذ وهو أخذ الأرواح والأنفس ونزعها من الأبدان وحفظها عند اللّٰه .
وهناك آية أُخرى تفسّر لنا معنى التوفّي بوضوح وأنّه ليس بمعنى الموت والفناء ، بل الأخذ والقبض أي قبض شيء موجود وأخذ شيء واقعي ، يقول سبحانه : «اَللّٰهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهٰا وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنٰامِهٰا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرىٰ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » (الزمر42/) فمفاد الآية أنّ اللّٰه يقبض