38ثم إنّ المعلّق استثنى مسّ قبر النبي صلى الله عليه و آله والتبرّك به ، ومنعهما وقال في وجهه :
«وأمّا جواز مسّ قبر النبيّ والتبرّك به فهذا القول غريب جداً لم أرَ أحداً نقله عن الإمام ، وقال ابن تيمية في الجواب الباهر لزوار المقابر (ص 31) : اتّفق الأئمة على أنّه لا يمسّ قبر النبي ولا يقبله ، وهذا كلّه محافظة على التوحيد ؛ فإنّ من أُصول الشرك باللّٰه اتّخاذ القبور مساجد» 1 .
لكن يلاحظ عليه : كيف يقول : لم أجد أحداً نقله عن الإمام ، أوَ ليس ولده أبو عبد اللّٰه راوية أبيه وكتبه يروي هذه الفتوى؟ وهو ثقة عند الحنابلة!
وأمّا التفريق بين مسّ المنبر والقبر بجعل الأوّل نفس التوحيد ، والثاني أساس الشرك ، فمن غرائب الأُمور ؛ لأنّ الأمرين يشتركان في التوجّه إلى غير اللّٰه سبحانه ، فلو كان هذا محور الشرك ، فالموضوعات سيّان ، وإن فرّق بينهما بأنّ الماسّ ينتفع بالأوّل دون الثاني لعدم مسّ جسده بالثاني فلازمه كون الأوّل نافعاً والثاني أمراً باطلاً دون أن يكون شركاً .
ولو رجع المحقّق إلى الصحاح والمسانيد وكتب السيرة والتاريخ ، لوقف على أنّ التبرّك بالقبر ومسّه ، كان أمراً رائجاً بين المسلمين في عصر الصحابة والتابعين ، ولأجل إيقاف القارئ على صحّة ما نقول نذكر نموذجين من ذلك :
1 - إنّ فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول اللّٰه حضرت عند قبر أبيها صلى الله عليه و آله وأخذت قبضة من تراب القبر تشمّه وتبكي وتقول :
ماذا على من شمّ تربة أحمد