33حصر العبادة في اللّٰه سبحانه حيث حصر الربوبية به دون غيره ، فتدلّ بصراحة على أنّ العبادة من شؤون الربوبية ، وإليك بعض الآيات :
وقال المسيح :
«يٰا بَنِي إِسْرٰائِيلَ اعْبُدُوا اللّٰهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ» 1. «إِنَّ هٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وٰاحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» 2. «إِنَّ اللّٰهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هٰذٰا صِرٰاطٌ مُسْتَقِيمٌ» 3.
وإذا عرفت هذين الأمرين :
1 - الربّ من فوّض إليه تدبير الشيء وإصلاحه وتربيته .
2 - إنّ الآيات تعلّل حصر العبادة في اللّٰه بكونه ربّاً .
فستعرف أنّ اتّسام الخضوع ، والسؤال والدعاء بالعبادة من شؤون الاعتقاد بكون المخضوع له ربّاً بيده مسير الخاضع ومصيره ، وإن شئت قلت : بيده شأن أو شؤون مَن حياته الدنيوية أو الأُخروية بيده ، فالخضوع المقرون بهذا الاعتقاد يُضفي عليه عنوان العبادة .
وليعلم أنّ المراد من كون الرب مالكاً لشأن من شؤون حياته ليس المراد هو المالكية القانونية والوضعية التي تُعطىٰ للإنسان حيناً وتسلَب عنه حيناً آخر ، بل المراد المالكية التكوينية المستمدّة من الخالقية كما في الإلٰه الأعلى أو من تفويض الإلٰه الأعلى لها ، كما هو الحال عند آلهة المشركين - على زعمهم - الذين يعتقدون بأنّه سبحانه فوّض إليهم بعضَ شؤون حياتهم ، كغفران الذنوب والشفاعة ، بل يظهر ممّا نقله ابن هشام في سيرته أنّ الشرك دخل مكّة في صورة الشرك في الربوبية فيما يرجع إلى الاستمطار ، يقول ابن هشام :