19بالدور النبويّ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام صلى الله عليه و آله بمرتكز خلافته الكبرى، و أبان للملأ الديني مستقر إمرته من الوجهة الدينيَّة و الدنيويَّة، و حدَّد لهم مستوى أمر دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للاسلام، حيث وضح له فيه منتجع الشريعة، و منبثق أنوار أحكامها، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً و شمالاً، و لا يسفّ به الجهل إلىٰ هوّة السفاسف و أيّ يوم يكون أعظم منه؟ و قد لاح فيه لاحب السنن، و بان جدد الطريق، و أكمل فيه الدين، و تمَّت فيه النعمة، و نوّه بذلك القرآن الكريم.
و إن كان حقّاً اتخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة و التنوير و عقد المجتمعات و إلقاء الخطب و سرد القريض و بسط الموائد كما جرت به العادات بين الأمم و الأجيال، فيوم استقرّت فيه الملوكيّة الإسلاميّة و الولاية الدينيّة العظمى لمن جاء النصّ به من الصادع بالدين الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أولى أن يُتّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوةٍ و تبجيلٍ، و بما أنّه من الأعياد الدينية يجب أن يزاد فيه على ذلك بما يقرّب إلىٰ اللّٰه زلفى من صوم و صلاة و دعاء و غيرها من وجوه البرّ، كما سنوقفك عليه في الملتقى إن شاء اللّٰه تعالى.
و لذلك كلّه أمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مَن حضر المشهد من أُمته،