32و قد اتّفقوا على صحة الحديث،حتى أنّ ابن تيمية-مُثيرَ هذه الشكوك-اعترف بصحّته و قال:و قد روى الترمذي حديثاً صحيحاً عن النبيّ أنّه علّم رجلاً يدعو فيقول:...،و قد أوردنا نصوص القوم في كتاب «التوسّل».
و من زعم أنّ هذه التوسّلات أساس الشرك،فلينظر إلى المسلمين طيلة أربعة عشر قرناً،فإنّهم ما برحوا يتوسّلون بالنبي صلى الله عليه و آله،و ما عدلوا عن سبيل التوحيد قيد شعرة.
إنّ إنشاء البناء على قبر نبيّ التوحيد تأكيدٌ على مبدأ التوحيد و رسالته العالمية التي يشكل أصلها الأول قوله سبحانه:« أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّٰاغُوتَ».
و قد خرجنا عن هذه الدراسة بالنتيجتين التاليتين:
1-جواز البناء على قبور الأولياء و الصالحين و دعاة التوحيد فضلاً عن النبيّ و ما ذلك إلّا أنّ القرآن ذكر ذلك من دون أن يغمض فيه، و ليس القرآن كتاباً قصصيّاً و لا مسرحيّاً للتمثيل،بل هو كتاب هداية و نور،فإن نقل شيئاً و لم يغمض عليه فهو دليل على أنّه محمود عنده.
نرى أنّه سبحانه يحكي كيفيّة غرق فرعون و يقول:« حَتّٰى إِذٰا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قٰالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (يونس90/).
و لمّا كانت تلك الفكرة باطلة عنده سبحانه،أراد إيقاف المؤمنين على أنّ الإيمان في هذا الظرف غير مفيد،فلأجل ذلك عقّب عليه بقوله:
« آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» (يونس91/).