282منى تمام الأيّام، و لأنّ الظاهر أنّ النفر الأوّل رخصة، و قال المفسّرون إنّه مخيّر بينه و بين الأفضل كما يقال: إن أعلنت الصدقة فحسن، و إن أسررت فحسن و إن كان الأسرار أحسن و أفضل، و الظاهر من الآية هو جواز النفر في الأوّل أيّ وقت أراد، و قد عرفت التخصيص و البيان في الأخبار الصحيحة بل في إجماع الأصحاب أيضا على الظاهر و الظاهر أنّ مذهب الشافعي أيضا جواز النفر بعد الزوال إذ لا يجوّز الرمي إلاّ بعد الزوال، و معلوم عدم جواز النفر في الأوّل أيضا إلاّ بعد الرمي و نقل القاضي جواز النفر في الأوّل قبل طلوع الفجر عن أبي حنيفة، و نقل عنه أيضا جواز الرّمي قبل الزوال و بعده مثل مذهب الأصحاب، و ظاهر الآية أنّ الخروج قبل إكمال اليومين بعد الشروع فيهما لا قبله، فقول أبي حنيفة بعيد و يلزمه أيضا ترك الرمي في اليوم الثاني إلاّ أن يجوّز حينئذ الرمي في اللّيل، و بالجملة الآية مجملة قابلة للكلّ بشرط ما يصلح أن يكون دليلا كالرّوايات الصحيحة عن الّذين قولهم حجّة.
«لِمَنِ اِتَّقىٰ» أي الّذي ذكر من التخيير أو الأحكام لمن اتّقى معاصي اللّه لأنّه الحاجّ على الحقيقة المنتفع به، يعني أنّ الحجّ يقع مبرورا مكفّرا للسيّئات إذا اتّقى ما نهي عنه، هذا أحد المعنيين في التفاسير الثلاث و فيها حينئذ إشعار بعدم قبول العبادات مع العصيان مثل قوله تعالى «إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اَللّٰهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ 1» فتأمّل و الآخر أنّ التخيير لمن اتّقى الصّيد و النساء بمعنى أنّ الّذي لا إثم عليه في التعجيل هو الّذي اتّقى الصيد و النساء يعني وطئهنّ لا سائر ما يحرم منهنّ في الإحرام للأصل، و الظاهر من دليله الّذي سيأتي من قوله عليه السّلام «أتى النساء» ، فإنّه ظاهر في المواقعة و الظاهر أنّ المراد الاتّقاء منهما مطلقا عمدا و سهوا و جهلا لظاهر عدم الاتّقاء حينئذ، و الظاهر أنّ وقت الاتّقاء هو وقت تحريمهما عليه من زمان إحرام الحجّ من غير إشكال، و زمان إحرام عمرة التمتّع أيضا على الخلاف بناء على أنّ عمرة التمتّع هي عمرة الحجّ لدخولها فيه فتأمّل فيه، فانّ الأصل عدم التقييد و الشرط في الآية، فكلّما نقص فهو أولى، و نسب هذا في مجمع البيان إلى أصحابنا و ابن