273عدم وجوب الذكر، و كذا عدم شيء عليه لا يستلزم عدمه، و الخبر الأوّل رواه عامر بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس و لا يدعو حتّى أفاض الناس قال يجزيه وقوفه، ثمّ قال أ ليس قد صلّى بعرفات الظهر و العصر و قنت و دعا؟ قلت بلى، قال فعرفات كلّها موقف و ما قرب من الجبل فهو أفضل، و الآخر رواه زكريّا الموصليّ قال سألت العبد الصالح عليه السّلام عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه أو نعي بعض ولده أي خبر موته، قبل أن يذكر اللّه عزّ و جلّ بشيء أو يدعو فاشتغل بالجزع و البكاء عن الدعاء ثمّ أفاض الناس، فقال لا أرى عليه شيئا، و قد أساء فليستغفر اللّه أمّا لو صبر و احتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا، من غير أن ينقص من حسناتهم شيء، و فيه دلالة على عدم حسن الجزع و حسن الاستغفار و الثواب العظيم للصّبر أمّا الأخبار الدالّة على الوجوب فصحيحة و صريحة.
الرابعة ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ اَلنّٰاسُ وَ اِسْتَغْفِرُوا اَللّٰهَ إِنَّ اَللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 1.
قيل: ارجعوا من عرفات إلى المزدلفة فهو أمر لقريش بوقوف عرفة ثمّ بالمزدلفة كما هو الواجب على سائرهم، فإنّهم ما كانوا يقفون بعرفات مع الناس ترفّعا عليهم و يقولون نحن أهل حرم اللّه و لا نخرج منه مثل الناس بل نقف بالمشعر فقطّ فأمروا بترك ذلك و فعل ما يفعله الناس و قال في مجمع البيان و هو المرويّ عن أهل البيت عليهم السلام و يكون «ثمّ» حينئذ للتّفاوت بين المرتبتين، يعني إذا أفضتم من عرفات ثمّ ليكن إفاضتكم يا قريش أيضا من عرفات كسائر الناس لا من المزدلفة فقطّ فإنّ تلك حرام و هذه واجبة، فبينهما بعد كثير، كما يقولون: أحسن إلى الناس ثمّ لا تحسن إلى غير كريم، للإشارة إلى تفاوت ما بين الإحسان إلى الكريم و الإحسان إلى غيره.