10الهدي الصيام ثلاثة أيام متوالية في الحج وسبعة بعد الرجوع إلى أهله. وفيما نحن فيه حيث إنّه واجد لثمن الهدي، ودليل الصيام مختص بمن لم يجد، فلا أقلّ من أنّ مقتضى الاحتياط إتيان الهدي في محلّ آخر كما مرّ، لا سيّما أنّ الهدي قد يقع في مكان آخر غير منى وفي ايّام اخرى كما في المصدود، وهو المنصوص كما سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّٰه، فهنا لا ينتفي المقيّد إذا انتفى القيد.
وبعبارة اُخرىٰ: لعلّ عدم سقوط الهدي في جميع الموارد يمكن أن يكون دليلاً على أنّه إذا لم يمكن الهدي في منى وجب إتيانه في محلّ آخر إلاّ إذا لم يكن واجداً للثمن، فيأتي ببدله وهو الصيام.
إن قيل: إتيان الهدي بالقيدين المذكورين (وقوع الذبح في منى وصرف لحوم الهدي) معاً متعذّر غالباً في الأوضاع الحالية، فلابدّ من ترك أحدهما والإتيان بالآخر، فإمّا أن يأتي بالهدي في منى مع عدم صرف لحومها، أو يترك الهدي في منى ويأتي به في خارجه، مع صرف اللحوم في مصارفها وترجيح أحد القيدين على الآخر محتاج إلى دليل، ولا دليل على تقديم الصورة الثانية على الصورة الاولى.
قلنا: أوّلاً: جميع المذابح في يومنا هذا خارجة عن منى، فوقوع الذبح في منى أيضاً متعذّر، وثانياً: ليس القيدان على حدّ سواء، فإنّ صرف اللحوم في مصارفها من أركان الهدي في نظر العرف وأهل الشرع، ومن البعيد جداً أن يكون لمجرّد إراقة الدم موضوعيّة، سيّما إذا جرّ ذلك إلى الإسراف أو التبذير الحرام في رأي الشارع المقدّس، وسيأتي شرحه في المباحث اللاحقة.
وحينئذ فإنّ ترجيح أحد القيدين على الآخرأي إيقاع الهدي خارج منى وصرف اللحوم في مصارفهاليس من قبيل الترجيح بلا مرجّح.