174و تأويل قوله هذا أنه لو كان على ما كان عليه أولا قبل أن يقوم بالدعاء إلى اللّه لم يسق الهدى، لأن مثل سائق الهدى كما ذكرنا مثل العامل فى دعوة الحق و قد صار (صلع) من أعظم العاملين فيها، و مثل من لم يسق الهدى مثل المستجيبين إلى دعوة الحق غير العاملين فيها، فإذا اتصلوا بحجة زمانهم لم يتصلوا بعد ذلك بإمامهم حتى ينقلوا من الجد الذى هم فيه إلى حد الاتصال بالأئمة، و ذلك مثل المتمتعين بالعمرة إلى الحج أنهم إذا اعتمروا أحلوا من إحرامهم ثم استقبلوا إحراما ثانيا للحج و إهلالا به، و تأويل قول اللّه عز و جل: «ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ» فقد تقدم القول فيه ببيان مجمل، و سيأتى تفسيره إذا انتهينا إليه إن شاء اللّه.
و يتلو ذلك من كتاب الدعائم قول الصادق جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه:
من تمتع بالعمرة إلى الحج و طاف بالبيت سبعة أشواط و صلى ركعتى طوافه، و سعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط يبتدىء بالصفا و يختم بالمروة فقد قضى العمرة فليحلل من إحرامه و يأخذ من أطراف شعره و أظفاره، و يبقى من ذلك لما يأخذه يوم محله من الحج و يقيم محلا، إلا أنه ينبغى له أن يكون أشعث أغبر شبيها بالمحرم إذا كان بقرب وقت الحج، فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد الحرام كما فعل حين أحرم من الميقات، و من ساق الهدى و قرن بين العمرة و الحج لم يحلل، لقول اللّه عز و جل: «وَ لاٰ تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ» فهذا فى الظاهر هو الواجب فى ظاهر الأمر على من تمتع بالعمرة إلى الحج، و تأويل ذلك فى الباطن ما قد تقدم القول به من أن مثل العمرة مثل القصد إلى حجة إمام الزمان، و مثل الحج مثل القصد إلى إمام الزمان، و العمرة فى الظاهر طواف بالبيت و سعى بالصفا و المروة، كما ذكر الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فى هذا الباب و إحلال لمن لم يكن معه هدى إذ طاف و سعى، تأويله قد تقدم القول به من أنه فى الباطن مثل الخروج من حد إلى حد، و هو هاهنا مثل للبلوغ الأول للمحرمين الذى ليس يكون معه إطلاق للبالغ فى الدعوة، و مثل ذلك مثل قوله، إن المحل من العمرة من المتمتعين ينبغى له أن يكون أشعث أغبر شبيها بالمحرمين، مثل ذلك فى الباطن أن البالغ الذى لم تطلق له الدعوة لا يبين ما علم من التأويل الذى مثله